كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 143 """"""
تكره ، فما أراك تريداتقبل منهم شيئا ؛ فقال له أبو طالب : والله ما انصفوني ، ولكنك أجمعت خذلأني ومظاهرة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، فحقب الأمر ، وحميت الحرب ، وتنابذ القوم ، وبادى بعضهم بعضا .
قال الواقدي : لما أجابهم أبو طالب بما قدمناه من انهم ما انصفوه قالوا له : فأرسل إليه فلنعطه النصف ، فأرسل إليه أبو طالب ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : يا بن أخي ، هؤلاء عمومتك ، وأشراف قومك ، وقد أراوا ينصفونك ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : قولوا أسمع قالوا : تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك ، قال أبو طالب : قد انصفك القوم فاقبل منهم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : أرأيتكم ان أعطيتكم هذه هل أنتم معطى كلمةً ان أنتم تكلمتم بها ملكتم بها العرب ، ودانت لكم بها العجم ؟ فقال أبو جهل : اهذه لكلمةٌ مربحة ، نعم ، وأبيك لنقولنها وعشر أمثالها قال : قولوا لا إله إلا الله ، فاشمأزوا ونفروا منها وغضبوا وقاموا وهم يقولون : واصبروا على آلهتكماهذا لشيء يراد ، ويقال : أن الذي تكلم بها عقبة بن أبي معيط ، وقالوا : لا نعود إليه أبدا وما خيرٌ منانغتال محمدا . فلما كان من تلك الليلة ، قعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه ، فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلب ، ثم قال : ليأخذ كل واحدٍ حديدةً صارمة ، ثم ليتبعني إذا دخلت المسجد فليجلس كل فتىً منكم إلى عظيم من عظمائهم ، فيهم ابن الحنظلية ، يعني أبا جهلٍ ، فانه لم يغب عن شراكا محمد قد قتل ، فقال الفتيان : نفعل ، فجاء زيد بن حارثة ، فوجد أبا طالب على تلك الحال ، فقال : يا زيد ، أحسست ، ابن أخي ؟ قال : نعم ، كنت معه انفا فقال أبو طالب : لا أدخل بيتي أبداً حتى أراه ، فخرج زيد مسرعاً حتى أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو في بيتٍ عند الصفا ومعه أصحابه يتحدثون ؛ فأخبره الخبر ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أبي طالب ، فقال : يا بن أخي ، أين كنت ؟ أكنت في خير ؟ قال : نعم ، قال : ادخل بيتك ، فدخل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فلما أصبح أبو طالب غدا على النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فأخذ بيده فوقف على اندية قريش ومعه الفتيا الهاشميون والمطلبيون ، فقال : يا معشر قريش ، هل تدرون ما هممت به ؟ قالوا : لا . فأخبرهم الخبر ، وقال للفتيان : اكشفوا عما في أيديكم ، فكشفوا فإذا كل رجل معه حديدة صارمة ، فقال : والله لو قتلتموه ما بقيت

الصفحة 143