كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 146 """"""
أمرٍ عظيم ، أو كما قالوا ؛ فبينما هم في ذلك إذ طلع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، ثم مر بهم طائفاً بالبيت ، فغمزوه ببعض القول ، قال : فعرفت ذلك في وجهه ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم مضى ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فوقف ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش ؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح . قال : فأخذت كلمته القوم حتى ما منهم رجل إلا كانما على رأسه طائر واقع ، حتى ان أشدهم فيه وصاةً قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول ، حتى انه ليقول : انصر يا أبا القاسم ، فوالله ما كنت جهولأن فانصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وانا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا دنا منكم وباداكم بما تكرهون تركتموه ، فبينما هم في ذلك طلع رسول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، فأحاطوا به يقولون : انت الذي تقول كذا وكذا لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم ، فيقول : نعم ، انا الذي أقول ذلك . قال : فلقد رأيت رجلاً منهم أخذ بمجمع ردائه ، فقام أبو بكر دونه وهو يبكي ويقو : أتقتلون رجل ان ايقول ربي الله ، ثم انصرفوا عنه . فا ذلك لأشد ما رأيت قريشاً نالوا منه قط .
قالت أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما : لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه مما جبذوه بلحيته ، وكا رجلاً كثير الشعر .
وخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول ، من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : اجتمعت قريش بعد وفاة أبي طالب بثلاثٍ فأرادوا قتل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقبل هذا يجأه وهذا يتلتله ، فاستغاث النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فلم يغثه أحد إلا أبو بكر وله ضفيرتان ، فأقبل يجأ ذا ويتلتل ذا ويقول بأعلى صوته :

الصفحة 146