كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 147 """"""
ويلكم ، أتقتلون رجل ان ايقول ربي الله ، والله انه لرسول الله ، فقطعت إحدى ضفيرتي أبي بكرٍ يومئذ ، فقال علي : والله ليوم أبي بكر خيرٌ من مؤمن آل فرعون ، ذاك رجل كتم إيمانه فأثنى الله عليه في كتابه ، وهذا أبو بكر أظهر إيمانه وبذل ماله ودمه لله عز وجل .
قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم : ان أشد ما لقي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من قريش : انه خرج يوماً فلم يلقه أحد من الناس إلا كذبه وآذاه لا حرٌ ولا عبد ، فرجع ( صلى الله عليه وسلم ) إلى منزله فتدثر منشدة ما أصابه ، فانزل الله عز وجل عليه : " يأيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَانذْرْ " .
ذكر إسلام حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
قال محمد بن إسحاق حدثني رجلٌ من أسلم كان واعيةً : ان أبا جهل بن هشام مر برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عند الصفا فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ، فلم يكلمه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ومولاةٌ لعبد الله بن جدعا تسمع ذلك ، ثم انصرف أبو جهل عنه عامداً إلى نادي قريش عند الكعبة ، فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب ان أقبل متوشحاً قوسه ، راجعاً من قنصٍ له ، وكا حمزة أعز فتىً في قريش وأشده شكيمة ، فلما مر بمولاة ابن جدعا قالت له : يا أبا عمارة : لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد انفاً من أبي جهل ابن هشام ؛ وجده ههنا جالساً فآذاه وسبه ، وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد ، فغضب حمزة ، فخرج يسعى حتى دخل المسجد فنظر إلى أبي جهل جالساً في القوم ، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ، ثم قال : أتشتمه ؟ فانا على دينه أقول ما يقول ، فرد ذلك علي ان استطعت ، فقامت رجال بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ، فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، فاني والله لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحا وتم حمزة

الصفحة 147