كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 19 """"""
مناة بن كنانة ، وغبشا من خزاعة ذلك ، أجمعوا لحربهم وإخراجهم من مكة ؛ فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا فغلبتهم بنو بكر وغبشان ، فنفوهم من مكة ؛ وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها ظلماً ولا بغيا .
قال ابن إسحاق : فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن ، فدفنها في زمزم ؛ وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن . فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزناً شديداً ؛ فقال عمرو بن الحارث بن مضاض في ذلك ، وليس بمضاض الأكبر . والله المعين :
وقائلةٍ والدّمع سكبٌ مبادر . . . وقد شرقت بالدّمع منها المحاجر
كا لم يكن بين الحجون إلى الصّفا . . . انيسٌ ولم يسمر بمكة سامر
فقلت لها والقلب منّى كأنما . . . يلجلجه بين الجناحين طائر
بلى ؟ نحن كنّا أهلها فأزالنا . . . صروف الليالي والجدود العواثر
وكنا ولاة البيت من بعد نابتٍ . . . نطوف بذاك البيت والخير ظاهر
ونحن ولينا البيت من بعد نابتٍ . . . بعزٍ فما يحظى لدينا المكاثر
ملكنا فعزّزنا فأعظم بملكنا . . . فليس لحيٍّ غيرنا ثمّ فاخر
ألم تنكحوا من خير شخصٍ علمته . . . فأبناؤه منّا ونحن الأصاهر
فا تنثن الدنيا علينا بحالها . . . فا لها حالاً وفيها التشاجر
فأخرجنا منها المليك بقدرةٍ . . . كذلك يا للنّاس تجرى المقادر
أقول إذا نام الخلى ولم انم : . . . إذا العرش لا يبعد سهيل وعامر
وبدّلت منها أوجهّا لا أحبّها . . . قبائل منها حمير ويحابر
وصرنا أحاديثاً وكنّا بغبطةٍ . . . بذلك عضّتنا السّنون الغوابر

الصفحة 19