كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 21 """"""
وكان ربيعة بن حرام من عدرة بن سعد بن زيد مناة قد قدم مكة بعد هلاك كلاب ، فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل - وزهرة يومئذ رجل ، وقصي فطيم - فاحتملها إلى بلاده ، فحملت قصياً معها وأقام زهرة ، فولدت لربيعة رزاحاً . فلما بلغ قصيٌ وصار رجلاً أتى مكة فأقام بها فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه كتب إلى أخيه من أمه رزاح بن ربيعة ، يدعوه إلى نصرته والقيام معه ؛ فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته : حن بن ربيعة ، ومحمود ابن ربيعة ، وجلهمة بن ربيعة ، وهم لغير فاطمة ، فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب ، وهم مجمعون لنصرة قصي .
وكا الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة ، وولده من بعده ، وكا يقال له ولولده صوفة . وانما ولى الغوث ذلك لأن أمه كانت من بني جرهم ، وكانت لاتا فنذرت للهاهي ولدت رجل ان اتصدق به على الكعبة عبداً لها يخدمها ويقوم عليها ؛ فولدت الغوث ، فكان يقوم على الكعبة في الدهر الأول مع أخواله من جرهم ، فولى الإجازة بالناس من عرفة ، لمكانه الذي كان به من الكعبة ، وولده من بعده حتى انقرضوا .
وكا الغوث بن مر إذا دفع بالناس قال :
لا همّ انى تابع تباعه . . . ا كان إثم فعلى قضاعه
قال ابن إسحاق : كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة ، وتجيز بهم إذا نفروا من منًى ، حتى إذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار ، ورجل من صوفة يرمي للناس ، لا يرمون حتى يرمى ، فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه فيقولون له : قم فأرم حتى نرمي معك ؛ فيقول : لا والله ، حتى تميل الشمس ؛ فيظل ذوو الحاجات يرمونه بالحجارة ويقولون له : ويلك قم فارم ، فيأبى عليهم ؛ حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ، ورمى الناس معه .
فإذا فرغوا من رمي الجمار ، وأرادوا النفر من منًى أخذت صوفة بجانبي العقبة ، فحبسوا الناس وقالوا : أجيزي صوفة ، فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا فإذا نفرت صوفة ومضت خلى سبيل الناس فانطلقوا بعدهم ؛ فكانوا كذلك حتى انقرضوا فورثهم

الصفحة 21