كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
في ذلك بنو سعدٍ بن زيد مناة ، من تميم ، وكانت من بني سعدٍ في آل صفوا بن الحارث بن شجية ؛ فكان صفوا هو الذي يجيز الناس بالحج من عرفة ، ثم بنوه من بعده ، حتى كان آخرهم الذي قام عيلان لإسلام كرب بن صفوان ؛ وفي ذلك يقول أوس بن مغراء من قصيدة :
لا يبرح الناس ما حجّوا معرّفهم . . . حتّى يقال أجيزوا آل صفوانا
وكانت الإفاضة في عدوا يتوارثون ذلك كابراً عن كابر ، حتى كان آخرهم الذي قام عيلان لإسلام أبو سيارة عميلة بن الأعزل ، وكا أبو سيارة يدفع بالناس على أتا له ، وبه ضرب المثل : أصبر من عير أبى سيارة ؛ لأنه دفع بأهل الموسم عيلان ربعين عاماً .
نعود إلى أخبار قصي بن كلاب ، فلما كان ذلك العام ، فعلت صوفة كما كانت تفعل ، وقد عرفت ذلك لها العرب ، وهو دينٌ في انفسهم من عهد جرهم وخزاعة وولايتهم ، فأتاهم قصي بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة فقال : لا تجر - لنحن أولى بهذا منكم - ، فقاتلوه ، فاقتتل الناس قتالاً شديدا ثم انهزمت صوفة ، وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم من ذلك . وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي ، وعرفوا انه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة ، فلما انحازوا عنه باداهم وأجمع لحربهم ، وخرجت إليه خزاعة وبنو بكر ، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثرت القتلى في الفريقين ، ثم تداعوا إلى الصلح ، وا يحكموا بينهم رجلاً من العرب ، فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ، فقضىاقصياً أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة ، وا كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوعٌ يشدخه تحت قدميه ، وا ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة ، وا يخلى بين قصي وبين الكعبة ومكة . فسمى يغمر بن عوف يومئذ الشداخ ، لما شدخ من الدماء ووضع منها .
قال : فولى قصي البيت وأمر مكة ، وجمع قومه من منازلهم إلى مكة ، وتملك

الصفحة 22