كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 24 """"""
كلاب ، فيصنع به طعاماً للحاج ، فيأكله من لم تكن له سعة ولا زاد . وقصي هو الذي فرض ذلك ، فقال لهم حين أمرهم به : يا معشر قريش ، انكم جيرا الله وأهل بيته وأهل الحرم ، وا الحاج ضيف الله وزوار بيته ، وهم أحق الضيف بالكرامة ، فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً أيام الحج ، حتى يصدروا عنكم . ففعلوا . قال : فلما هلك قصي بن كلاب أقام أمره في قومه من بعده بنوه ، فاختطوا مكة رباعا بعد الذي كان قد قطع لقومه بها فكانوا يعطونها في قومهم وفي غيرهم من حلفائهم ، ويبيعونها فأقامت قريش على ذلك معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع ، إلىاكا ما نذكرهاشاء الله تعالى في هاشم بن عبد مناف .
وحكى أبو عبد الله بن عائذ الدمشقي في مغازيه زيادةً في خبر قصي نذكرها في هذا الموضع ، وا كان قد نقص في غيره ، فقال في أثناء ما حكاه : ا البيت كان حوله غيضة والسيل يدخله ، ولم يرفع البيت حينئذ ، فإذا قدم الحاج وطئوه حتى تذهب الغيضة ، فإذا خرجوا نبتت . قال : فلما قدم قصي قطع الغيضة ، وابتنى حول البيت دارا ونكح حبى بنت حليل . وقال أيضاً : اقصياً قال لأمرأته حبى : قولي لجدتك تدل بنتك على الحجر ، فلم تزل بها حتى قالت : انى أعقل انهم حين خرجوا إلى اليمن سرقوه ، ونزلوا منزلاً وهو معهم ، فبرك الجمل الذي كان عيلان لحجر ، فضربوه فقام ، ثم ساروا فبرك ، فضربوه فقام ، ثم برك الثالثة فقالوا : ما برك إلا من أجل الحجر ، ودفنوه ، وذلك أسفل مكة ، وانى لأعرف حيث برك ، فخرجوا بالحديد وخرجوا بها معهم ، فأرتهم حيث برك أولاً وثانياً وثالثا فقالت : احفروا ههنا . فحفروا حتى يئسوا منه ، ثم ضربوا فأصابوه وأخرجوه ، فأتى به قصي ، فوضعه في الأرض ، فكانوا يتمسحون به وهو في الأرض ، حتى بنى قصي البيت . قال : ومات قصي ودفن بالحجون . والله أعلم بالصواب .
وأما عبد مناف بن قصي فكنيته أبو عبد شمس ، واسمه المغيرة ، وعبد مناف لقبه ، وسبب ذلك ان أمه حبى بنت حليل الخزاعية أخدمته مناة ، وكا مناة صنماً عظيماً لهم ، فسمى عبد مناة به . ثم نظر قصي ، فرآه يوافق عبد مناة بن كنانة ، فحوله

الصفحة 24