كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 26 """"""
دأب قريش ، وهو أول من سن الرحلتين لقريش ؛ ترحل إحداهما في الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة إلى النجاشي فيكرمه ويحبوه ، ورحلة في الصيف إلى الشام إلى غزة وربما بلغ انقرة ، فيدخل على قيصر فيكرمه ويحبوه ؛ فأصابت قريشاً سنواتٌ ذهبت بالأموال ، فخرج هاشم إلى الشام ، فأمر بخبز كثير فخبز له ، وحمله في الغرائر على الإبل حتى وافى مكة ، فهشم ذلك الخبز ، يعنى كسره وثرده ، ونحر تلك الإبل ، ثم أمر بطبخها ثم كفأ القدور على الجفان ، فأشبع أهل مكة ؛ فكان ذلك أول الحيا بعد السنة التي أصابتهم ؛ فسمى بذلك هاشما وفي ذلك يقول عبد الله بن الزبعري :
عمرو العلى هشم الثّريد لقومه . . . ورجال مكّة مسنتون عجاف
قال : فحسده أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، وكا ذا مال ، فتكلفايصنع صنيع هاشم فعجز عنه ، فشمت به ناس من قريش ، فغضب ونال من هاشم ، ودعاه إلى المنافرة ، فكره هاشم ذلك لسنه وقدره ، فلم تدعه قريش وأحفظوه قال : فانى انافرك على خمسين ناقةً سود الحدق تنحرها ببطن مكة ، والجلاء عن مكة عشر سنين . فرضي أمية بذلك ، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي ، فنفر هاشماً عليه ، فأخذ هاشم الإبل فنحرها وأطعمها من حضره ، وخرج أمية إلى الشام ، فأقام بها عشر سنين ؛ فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية ، ثم ولي هاشم الرفادة والسقاية .
ذكر ولاية هاشم الرفادة والسقاية
قال : إن هاشما وعبد شمس ، والمطلب ، ونوفلاً : بني عبد مناف أجمعوا علىايأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار من

الصفحة 26