كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 269 """"""
فانتم كنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم ، " وإذا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنّا وَإذَا خَلَوا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُم ان اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ . اتَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وا تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَا تَصْبِرُوا وَتَتّقُوا لاَ يَضُرّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئ ان االلهَ بمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ " ، قال : ودخل أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى بيت المدراس على يهود ، فوجد جماعة كثيرة منهم قد اجتمعوا إلى حبر من أحبارهم يقال له فنحاص ، ومعه حبر آخر يقال له أشيع ؛ فقال أبو بكر لفنحاص : ويحك يا فنحاص ؟ اتق الله وأسلم ، فوالله انك لتعلمامحمدا لرسول الله ، قد جاءكم بالحق من عنده ، تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والأنجيل ، فقال لأبي بكر : والله يا أبا بكر ، ما بنا إلى الله من فقر ، وانه إلينا لفقير ، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وانا عنه لأغنياء ، وما هو عنا بغني ، ولو كان عنا غنيا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم ، ينهاكم عن الربا ويعطيناه ، ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا . فغضب أبو بكر وضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك ، أي عدو الله . فذهب فنحاص إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا محمد ، انظر ما صنع بي صاحبك ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأبي بكر : ما حملك على ما صنعت ؟ . فقال : يا رسول الله ، اعدو الله قال قولاً عظيما - وذكر قوله - فلما قال ذلك غضبت لله وضربت وجهه ، فجحد فنحاص ذلك ، وقال : ما قلت ذلك ، فانزل الله في ذلك تصديقا لأبي بكر رضي الله عنه : " لَقَدْ سَمِعَ اللَهُ قَوْلَ الّذِين قَالُو ان االلهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أغْنِياءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأنبيَاءَ بِغَيرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقوا عَذَابَ الْحَرِيق " ، وانزل الله تعالى في أبي بكر وغضبه في ذلك : " وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الّذِين أوتُوا الْكتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ومِنَ الّذينَ أشْرَكُوا أذىً كَثِيراً وَا تَصْبِرُوا وَتتَقُوا فا ذَلِكَ مِن عَزْمِ الأْمُورِ " . قال : وكا كردم بن قيس ، وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع ، وبحرى بن عمرو ، وحي بن أخطب ، ورفاعة بن زيد بن التابوت ، يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون : لا تنفقوا أموالكم ، فانا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة ، فانكم لا تدرون علام يكون ، فانزل الله تعالى فيهم : " الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ " أي من التوراة التي فيها تصديق ما جاء به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) " وَأعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً . وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُم رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بالْيَوْمِ

الصفحة 269