كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 27 """"""
الحجابة ، واللواء ، والرفادة ، والسقاية ، والندوة ، ورأوا انهم أحق به منهم لشرفهم عليهم ، وفضلهم في قومهم ، وكا الذي قام بأمرهم هاشم ، فأبت بنو عبد الداراتسلم ذلك إليهم ، وقام بأمرهم عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ؛ فصار مع بني عبد مناف بن قصي بنو أسد بن عبد العزى بن قصي ، وبنو زهرة ابن كلاب ، وبنو تيم بن مرة ، وبنو الحارث بن فهر ؛ وصار مع بني عبد الدار بنو مخزوم ، وسهم ، وجمح ، وبنو عدي بن كعب ؛ وخرجت من ذلك بنو عامر ابن لؤي ، ومحارب بن فهر ؛ فلم يكونوا مع واحد من الفريقين ، فعقد كل قوم على أمرهم حلفاً مؤكداً : ألا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة .
فأخرجت بنو عبد مناف ، ومن صار معهم ، جفنةً مملوءة طيبا فوضعوها حول الكعبة ، ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا ومسحوا الكعبة بأيديهم توكيداً على انفسهم ، فسموا المطيبين . وأخرجت بنو عبد الدار ومن كان معهم جفنةً من دم ، فغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا وتحالفوا : ألا يتخاذلوا ما بل بحر صوفة ؛ فسموا الأحلاف ، ولعقة الدم ، وتهيئوا للقتال ، وعبئت كل قبيلة لقبيلة ؛ فبينما الناس على ذلك ، إذ تداعوا إلى الصلح علىايعطوا بني عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة ، وتكون الحجابة واللواء ودار الندوة إلى بني عبد الدار كما كانت ، ففعلوا وتحاجز الناس ؛ فلم تزل دار الندوة في بني عبد الدار ، حتى باعها عكرمة بن عامر ، ابن هاشم ، بن عبد مناف ، بن عبد الدار ، بن قصي ، من معاوية بن أبي سفيان ؛ فجعلها معاوية دار الإمارة .
قال : وولي هاشم بن عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة ، وكا رجلاً موسرا فكان يخرج في كل عام مالاً كثيرا وكا قوم من قريش أهل يسار يترافدون ، فيرسل كل انسا بمائة مثقال هرقلية ، وغيرهم يرسل بالشيء اليسير على قدر حالهم ، فكان هاشم ، إذا حضر الحج ، يأمر بحياضٍ من أدم ، فتجعل في موضع زمزم ، ثم يستقى فيها الماء من البئار التي بمكة فيشربه الحاج ، وكا يطعمهم قبل التروية بيوم بمكة ، وبمنًى ، وجمع ، وعرفة ؛ وكا يثرد لهم الخبز واللحم ، والخبز والسمن ،

الصفحة 27