كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 271 """"""
الله ( صلى الله عليه وسلم ) يهود إلى الإسلام ، ورغبهم فيه ، وحذرهم عقوبة الله ، فأبوا وكفروا وجحدوا فقال لهم معاذ بن جبل ، وسعد ابن عبادة ، وعقبة بن وهب : يا معشر يهود ، اتقوا الله ، فوالله انكم لتعلمون انه رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه بصته ، فقال رافع ابن حريملة ، ووهب بن يهود : ما قلنا هذا لكم ، وما انزل الله من كتاب من بعد موسى ولا أرسل بشيراً ولا نذيرا بعده ، فانزل الله تعالى : " يَأهْلَ الكِتابِ قَدْ جَاءَكُم رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِن الرُّسُلاتَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرْ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنّذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " .
ذكر قصة الرجم
روى عن أبي هريرة رضي الله عنه انه قال : ان أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة ، وقد زنى رجل بينهم بعد إحصانه بأمرأةٍ من يهود قد أحصنت ، فقالوا : ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد ، فأسألوه كيف الحكم فيهما فقالوا : وولوه الحكم عليهما فا عمل فيهما بعملكم من التجبية - والتجبية : الجلد بحبلٍ من ليفٍ قد طلي بقارٍ ، ثم تسود وجوههما ثم يحملأن على حمارين ، وتجعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين - فاتبعوه فانما هو ملك ، وصدقوه ، وا هو حكم فيهما بالرجم فانه نبي ، فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه ، فأتوه فقالوا : يا محمد ، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت ، فأحكم فيهما فمشى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس ، فقال : يا معشر يهود أخرجوا إلى علماءكم ، فأخرجوا إليه عبد الله صوريا وأبا ياسر بن أخطب ، ووهب بن يهوذا فقالوا : هؤلاء علماؤنا فسألهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قالوا : هذا عبد الله بن صوريا أعلم من بقي بالتوراة : فخلا به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكا غلاما شابا من أحدثهم سنا فقال له : يا بن صوريا انشدك الله ، وأذكرك بأيامه عند بني إسرائيل ، هل تعلم ان الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة ؟ قال : اللهم نعم ، أما والله يا أبا القاسم انهم ليعرفون انك لنبيٌ مرسل ، ولكنهم يحسدونك ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأمر برجمهما فرجما عند باب مسجده ، ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا وجحد نبوة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فانزل الله تعالى : " يَأيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ في الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنّا بِأفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ومِنِ الَّذينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحِرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ ان أوتيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَا لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا " ، أي الرجم ، " وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أولِئكَ

الصفحة 271