كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 275 """"""
أيسوا وأبلسوا عمدوا إلى تخيلات أخر من السحر والسم .
ذكر ما ورد من أن يهود سحروا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
قالوا : لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من غزوة الحديبية سنة ست من مهاجره ، ودخل المحرم سنة سبع ، جاءت رؤساء يهود الذين بقوا بالمدينة ممن يظهر الإسلام وهو منافق ، إلى لبيد بن الأعصم اليهودي حليف بني زريق ، وكا ساحرا قد علمت ذلك يهود ان أعلمهم بالسحر وبالسموم ، فقالوا له : يا أبا الأعصم انت أسحر منا وقد سحرنا محمدا فسحره منا الرجال والنساء فلم نصنع شيئا وانت ترى أثره فينا وخلافه ديننا ومن قتل منا وأجلى ، ونحن نجعل لك على ذلك جعلا علىاتسحره لنا سحرا ينكؤه ، فجعلوا له ثلاثة دنانير علىايسحر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فعمد إلى مشط وما يمشط من الرأس من الشعر فعقد فيه عقدا وتفل فيه تفلأن وجعله في جف طلعةٍ ذكرٍ ، ثم انتهى به حتى جعله تحت أرعوفة البئر ، فوجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمرا انكره ، حتى يخيل إليهايفعل الشيء ولا يفعله ، وانكر بصره حتى دله الله على ذلك ؛ فدعا جبير ابن إياس الزرقي وكا ممن شهد بدرا فدله على موضع في بئر ذروا تحت أرعوفة البئر ، فخرج جبير حتى استخرجه ، ثم أرسل إلى لبيد بن الأعصم ، فقال : ما حملك على ما صنعت ، فقد دلني الله على سحرك وأخبرني بما صنعت ؟ فقال : حب الدنانير يا أبا القاسم . قال محمد بن سعد ، قال إسحاق بن عبد الله : فأخبرت عبد الرحمن ابن كعب بن مالك بهذا الحديث ، فقال : انما سحره بنات أعصم أخوات لبيد ، وكن أسحر من لبيد وأخبث ، وكا لبيد هو الذي ذهب به فأدخله تحت أرعوفة البئر ، قال : فلما عقدوا تلك العقد انكر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلك الساعة بصره ، ودس بنات أعصم إحداهن ، فدخلت على عائشة فخبرتها عائشة - أو سمعت عائشة تذكر ما انكر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من بصره - ثم خرجت إلى أخواتها وإلى لبيد فأخبرتهم ، فقالت إحداهن : ايكن نبيا فسيخبر ، وا يك غير ذلك فسوف يدلهه هذا السحر حتى يذهب عقله ، فيكون بما نال من قومنا وأهل ديننا . فدله الله عليه :

الصفحة 275