كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 287 """"""
كلمني كلمةً ، ولا سمعت منه كلمةً غير استرجاعه حتى اناخ راحلته ، فوطئ على يدها فركبته ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين ي نحر الظهيرة ، فهلك من هلك - وكا الذي تولى الإفك عبد الله بن أبي بن سلول - فقدمنا المدينة ، فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الإفك ، لا أشعر بشيء من ذلك ، وهو يريبني في وجعي ؛ اني لا أعرف من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى ، انما يدخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيسلم ثم ينصرف ، فذلك الذي يريبني ، ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت ، فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع - وهو متبر زنا - وكنا لا نخرج إلا ليلاً إلى ليل ، وذلك قبلانتخذ الكنف قريباً من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط ، فانطلقت انا وأم مسطح ، وهي بنت أبي رهم بن عبد مناف ، وأمها بنت صخر ابن عامر خالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وابنها مسطح بن أثاثة ، فأقبلت انا وأم مسطح قبل بيتي قد فرغنا من شاننا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح ؛ فقلت لها : بئس ما قلت : أتسبين رجلا قد شهد بدرا ؟ قالت : أي هنتاه ، أو لم تسمعي ما قال ؟ قالت قلت : وما قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فأزددت مرضا على مرضي ، قالت : فلما رجعت إلى بيتي ، ودخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم قال : كيف تيكم ؟ فقلت : أتأذن لياآتي أبوي ؟ قالت : وانا حينئذ أريد ان أستيقن الخبر من قبلهما ؛ فأذن لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فجئت أبوي ، فقلت لأمي : يا أمتاه ، ما يتحدث الناس ؟ قالت : يا بنية ، هوني عليك ، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئةً عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها قالت فقلت : سبحا الله ولقد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت أبكى ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد

الصفحة 287