كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 289 """"""
جلس ، قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهراً لا يوحي إليه في شاني ، قالت : فتشهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة ، فانه قد بلغني عنك كذا وكذا فا كنت بريئة فسيبرئك الله ، وا كنت ألممت بذنب ، فاستغفري الله وتوبي إليه ، فا العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه . قالت : فلما قضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيما قال ، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقلت لأمي : أجيبي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قالت : ما أدري ما أقول لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قالت : فقلت وانا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القران : اني والله لقد علمت ؛ لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقر في انفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم اني بريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت بأمرٍ والله يعلم اني بريئة منه لتصدقني ، والله ما أجد لكم مثلا إلا قول أبي يوسف ، قال : " فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعا عَلَى ما تَصِفُونَ " . قالت : ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ، قالت : وانا حينئذ أعلم اني بريئة ، وا الله يبرئني ببرائتي ولكن والله ما كنت أظن ان الله منزلٌ في شاني وحياً يتلى ، ولشاني في نفسي كان أحقر منايتكلم الله في بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجوايرى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رؤيا يبرئني الله بها . قالت : فوالله ما رام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولا خرج أحد من أهل البيت حتى انزل عليه ، فأخذه ما يأخذه من البرحاء ، حتى انه ليتحدر منه مثل الجما من العرق - وهو في يوم شاتٍ - من ثقل القول الذي ينزل عليه ، قالت : فلما سرى عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، سرى عنه وهو يضحك ، فكانت أول كلمة تكلم بها : يا عائشة ، أما الله فقد براك ، فقالت أمي : قومي إليه ، قالت فقلت : والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله عز وجل ، وانزل الله تعالى : " ا الَّذيِنَ جَاءُوا بِالإْفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَراً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ . لَوْلاَ إذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ المُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بانفُسِهْم خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إفْكٌ مُبِينٌ . لَوْلاَ جَاءُوا عَلَيْهِ بِأرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإذْ لَمْ يَأتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأولَئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ . وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . إذْ تَلَقَّوْنَهُ بِألْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ . وَلَوْلاَ إذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَ ان انَتَكَلّمَ بِهَذَا سُبْحَانكَ هَذَا بُهْتا عَظِيمٌ . يَعِظُكُمُ اللهُاتَعُودُوا لِمثْلِهِ أبَد

الصفحة 289