كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 297 """"""
العاص ، قال عمرو : لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ، ويسمعون مني ، فقلت لهم : تعلموا والله اني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكرا واني قد رأيت أمراً فما ترون فيه ؟ قالوا : وماذا رأيت ؟ قال : رأيتانلحق بالنجاشي فنكون عنده ، فا ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي ، فان ان انكون تحت يديه أحب إلينا منانكون تحت يدي محمد ، وا ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير . قالوا : اهذا لرأىٌ ، قلت : فاجمعوا ما يهدي له ، وكا أحب ما يهدي إليه من أرضنا الأدم ، فجمعنا أدماً كثيرا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه . فوالله انا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري ، وكا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد بعثه إليه في شا جعفر وأصحابه ، قال : فدخل عليه ثم خرج من عنده ، فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية ، ولو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانية فضربت عنقه ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش اني قد أجزأت عنها فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال لي : مرحباً بصديقي ، أهديت لي من بلادك شيئا ؟ قلت : نعم أيها الملك ، قد أهديت لك أدماً كثيرا ثم قربته إليه فأعجبه ، ثم قلت له : أيها الملك ، اني قد رأيت رجلا خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله ، فانه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا قال : فغضب ، ثم مد يده فضرب بها انفه ضربة ظننت انه قد كسره ، فلو انشقت الأرض لدخلت فيها فرقا منه ، ثم قلت له : أيها الملك ، والله لو ظننت انك تكره هذا ما سألتكه ، قال : أتسألني ان أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ( صلى الله عليه وسلم ) لتقتله فقلت : أيها الملك ، أكذاك هو ؟ قال : ويحك يا عمرو ، أطعني واتبعه ، فانه والله لعلى الحق ، وليظهرن على من خافه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده ، قال : قلت : أفتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم ، فبسط يده فبايعته على الإسلام ، ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه ، وكتمتهم إسلامي . ثم خرجت عامدا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلقيت خالد بن الوليد وهو مقبل من مكة ، فقلت : إلى أين يا أبا سليما ؟ فقال : لقد استقام المنسم ، وا الرجل لنبي ، أذهب والله فأسلم فحتى متى قال قلت : والله ما جئت إلا لأسلم ، قال : فقدمنا المدينة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ، ثم دنوت فقلت : يا رسول

الصفحة 297