كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 301 """"""
قال : يا عائشة ، اني ذاكر لك أمراً فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك ثم قرأ على الآية : " يَأيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ " حتى بلغ " أجْراً عَظِيماً " فقالت عائشة : قد علم والله ان أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه ، فقلت : أو في هذا أستأمر أبوي ؟ فاني أريد الله ورسوله والدار الآخرة . وفيها هدم رسول الله مسجد الضرار .
ذكر خبر مسجد الضرار وهدمه ومن اتخذه من المنافقين
وكا هدم مسجد الضرار عند منصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من غزوة تبوك ، وكا أصحابه الذين بنوه اثني عشر رجلا : وهم خذام بن خالد ومن داره خرج ، وثعلبة بن حاطب ، ومعتب بن قشير ، وأبو حبيبة بن الأزعر ، وعباد ابن حنيف ، وجارية بن عامر ، وابناه مجمع وزيد ، ونبتل بن الحارث ، وبحزج من بني ضبيعة ، وبجاد بن عثما من بني ضبيعة ، ووديعة بن ثابت ، فأتوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يتجهز إلى تبوك ، فقالوا : يا رسول الله ، قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وانا نحباتأتينا فتصلى لنا فيه ، فقال : اني على جناح سفر وحال شغل - أو كما قال ( صلى الله عليه وسلم ) - ولو قد قدمن ان اشاء الله تعالى لأتيناكم فصلينا لكم فيه فلما أقبل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من غزوة تبوك نزل بذي أوا - بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار - أتاه خبر المسجد ، فدعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ، ومعن بن عدي ، أو أخاه عاصم بن عدي ، فقال : انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف ، وهم رهط مالك بن الدخشم ، فقال مالك لمعن : انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي ، فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدا حتى دخلاه وفيه أهله فخرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ، ونزل فيهم من القرا قوله تعالى : " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤمِنِينَ وإرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ ان أرَدْنَا إلاّ الْحُسْنَى واللهُ يَشْهَدُ انهُمْ لَكَاذِبُونَ . لاَ تَقُمْ فِيهِ أبَداً لَمسْجِدٌ أُسِّسسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أوَّلِ يَوٍمٍ أحَقُّ أن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ . أفمَنْ أسَّسَ بُنْيانهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَا خَيْرٌ أمْ مَنْ أسَّسَ بُنْيانهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانهارَ بِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ واللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِميَن . لاَ يَزَالُ بُنْيانهُمُ الّذِي بَنَوْا رِيَبةْ في قُلُوبِهِمْ إل ان اتَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ واللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " .

الصفحة 301