كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 34 """"""
بالهلكة ، فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم ، وقالوا : انا بمفازة ، ونحن نخشى على انفسنا مثل ما أصابكم ؛ فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم ، وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال : ماذا ترون ؟ قالوا : ما رأينا إلا تبع رأيك ، فمرنا بما شئت ، قال : فاني أرىايحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الأن من القوة ، فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه ، حتى يكون آخركم رجلاً واحداً فيموت ضيعة ، فضبعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركبٍ جميعا قالوا : نعم ما أمرت به . فقام كل رجل منهم فحفر حفرته ، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشاً ؛ ثماعبد المطلب قال لأصحابه : واللهاإلقاءنا بأيدينا هكذا للموت عجز ، ألا نضرب في الأرض ، ونبتغي لأنفسنا ؟ فعسى اللهايرزقنا ماءً ببعض البلاد . ارتحلوا فارتحلوا حتى إذا فرغوا ومن معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ما هم فاعلون ، تقدم عبد المطلب إلى ناقته فركبها فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عينٌ من ماءٍ عذب ، فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ، ثم نزل فشرب ، وشرب أصحابه ، واستقوا حتى ملأوا أسقيتهم ، ثم دعا القبائل من قريش فقال : هلموا إلى الماء ، فقد سقانا الله ، فاشربوا واستقوا فجاءوا فشربوا واستقوا ثم قالوا : قد والله قضى لك علينا يا عبد المطلب ، والله لا نخاصمك في زمزم أبد ان االذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم ، فارجع إلى سقايتك راشدا فرجع ورجعوا معه ، ولم يصلوا إلى الكاهنة ، وخلوا بينه وبينها .
هذا أحد ما قيل في حفر زمزم .
وفي رواية أخرى : انه قيل له : احفر زمزم ، انكاحفرتها لم تندم ، وهي تراثٌ من أبيك الأعظم ، لا تنزف أبداً ولا تدم ، تسقي الحجيج لأعظم ، مثل نعامٍ جافلٍ لم يقسم . ينذ فيها ناذرٌ لمنعم ، تكون ميراثه وعقداً محكم ، ليست كبعض ما قد تعلم ، وهي بين الفرث والدم . قال ابن إسحاق : فزعموا انه حين قيل له ذلك قال : فأين هي ؟ قيل له عند قرية

الصفحة 34