كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 49 """"""
أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب ، ثم وقع على الأرض على يديه ، ثم أخذ قبضة من تراب فقبضها ورفع رأسه إلى السماء .
وقال بعضهم : وقع جاثيا على ركبتيه رافعاً رأسه إلى السماء ، وخرج معه نورٌ أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رأيت أعناق الإبل ببصرى . وعن حسا ابن عطية : ان النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما ولد وقع على كفيه وركبتيه شاخصاً بصره إلى السماء . قالت أمه : فولدته نظيفاً والله كما يولد السخل ما به قدر . وقالت فاطمة بنت عبد الله أم عثما بن أبي العاصي ، وكانت شهدت ولادة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين وضعته أمه آمنة وذلك ليلأن قالت : فما شيءٌ انظر إليه من البيت إلا نور ، واني لأنظر إلى النجوم تدنو حتى اني لأقول لتقعن علي .
وذكر الخطيب أبو بكر بن ثابت رحمه الله ، عن آمنة قالت : لما ولدت محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ثم خرج من بطني نظرت إليه ، فإذا هو ساجد لله عز وجل رافعٌ يديه إلى السماء كالمتضرع المبتهل ، ثم رأيت سحابة بيضاء قد اقبلت تنزل من السماء حتى غشيته ، فغيبته عن عيني برهة ، فسمعت قائلاً يقول : طوفوا بمحمد مشارق الأرض ومغاربها وأدخلوه البحار كلها ليعرف جميع الخلائق كلها باسمه وصفته ، ويعرفوا بركته ، انه حبيب لي ، لا يبقى شيءٌ من الشرك إلا ذهب به . قالت : ثم انجلت عني في أسرع من طرفة عين ، فإذا انا به مدرجٌ في ثوب أبيض أشد بياضاً من اللبن ، وتحته حريرة خضراء قد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب الأبيض ، وإذا قائلٌ يقول : قد قبض محمدٌ ( صلى الله عليه وسلم ) مفاتيح النصرة ، ومفاتيح الدنيا ومفاتيح النبوة .
وذكر الخطيب أيضاً عنها في شا المولد : قالت : رأيت سحابة أعظم من الأولى ولها نور ، أسمع فيها صهيل الخيل ، وخفقا الأجنحة ، كلام الرجال ، حتى غشيته ، قالت : وغيبت عني وجهه أطول وأكثر من المرة الأولى ، فسمعت منادياً ينادي : طوفوا بمحمد جميع الأرضين ، وعلى موالد النبيين ، واعرضوه على كل روحاني من الجن ، والأنس ، والملائكة ، والطير ، والوحوش ؛ وأعطوه خلق آدم ، ومعرفة شيث ، وشجاعة

الصفحة 49