كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 58 """"""
شارفنا ما يغذيه ، ولكنا نرجو الغيث والفرج ، فخرجت على أتاني تلك ، فلقد أذمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفاً وعجفاً حتى قدمنا مكة ، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فتأباه إذا قيل لها انه يتيم ، وذلك انا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي ؛ فكنا نقول : يتيم ، ما عسىاتصنع أمه وجده ؟ فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعاً غيري ، فلما أجمعنا الأنطلاق قلت لصاحبي : والله اني لأكره ان أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه ؛ قال : لا عليكاتفعلي ، عسى اللهايجعل لنا فيه بركة . قال : فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على أخذه إلا اني لم أجد غيره ؛ فلما أخذته رجعت به إلى رحلي ، فلما وضعته في حجري ، أقبل عليه ثدياي بما شاء الله من لبن ، فشرب حتى روى ، وشرب معه أخوه حتى روى ، ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك ، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا بها حافل ، فحلب منها ما شرب وشربت ، حتى انتهينا رياً وشبعا فبتنا بخير ليلة . قالت : يقول صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمةً مباركة ، قالت : قلت والله اني لأرجو ذلك ، قالت : تم خرجنا فركبت أتاني وحملته عليها معي ، فوالله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حمرهم ، حتىاصواحبي ليقلن لي : ويحك يا بنت أبي ذؤيب ويحك اربعي علينا . أليست هذه أتاتك التي كنت خرجت عليها ؟ فأقول لهن : بلى والله انها لهي هي ، فيقلن : واللهالها لشاناً . قالت : ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد ، وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها فكانت غنمى تروح على حين قدمنا به معنا شباعاً لبنا فنحلب ونشرب ، وما يحلب انسا قطرة لبن وما يجدها في ضرع حتى كان الحاصر من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ، قالت : فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخيرة حتى مضت سنتاه وفصلته ، وكا يشب شباباً لا يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفرا قالت : فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء

الصفحة 58