كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 59 """"""
على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه . وقلت لها : لو تركت بني عندي حتى يغلظ ، فاني أخشى عليه وباء مكة ، قالت : فلم تزل به حتى ردته معنا فرجعنا به فوالله انه بعد مقدمنا بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد ، فقال لي ولأبيه : ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلأن عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه ، فهما يسوطانه ، قالت : فخرجت انا وأبوه نحوه ، فوجدناه قائماً منتقعاً وجهه ، فالتزمته والتزمه أبوه ، فقلنا : مالك يا بني ؟ قال : جاءني رجلأن عليهما ثياب بيض ، فأضجعاني فشقا بطني ، فالتمسا فيه شيئاً لا أدي ما هو ؟ قالت : فرجعنا إلى خبائنا فقال لي أبوه : يا حليمة ، لقد خشيتايكون هذا الغلام قد أصيب ، فألحقيه بأهله قبلايظهر ذلك به ، قالت : فاحتملناه فقدمنا به على أمه ، فقالت : ما أقدمك يا ظئر وقد كنت حريصةً عليه وعلى مكثه عندك ؟ فقلت : قد بلغ الله بابني ، وقضيت الذي علي ، وتخوفت الأحداث عليه ، فأديته عليك كما تحبين ، قالت : ما هذا شانك فاصدقيني خبرك فلم تدعني حتى أخبرتها ؛ قالت : أفتخوفت عيلان لشيطا ؟ قلت نعم . قالت كلا والله ما للشيطا عليه من سبيل ، وا لبني لشانا أفلا أخبرك خبره ؟ قلت : بلى قالت : رأيت حين حملت به انه خرج مني نور أضاء له قصور بصرى من أرض الشام ، ثم حملت به ، فوالله ما رأيت من حملٍ قط كان أخف ولا أيسر منه ، ووقع حين ولدته وانه لواضعٌ يديه بالأرض ، ورافعٌ رأسه إلى السماء ؛ دعيه عنك وانطلقي راشدة . هكذا نقل ابن هشام في سيرته عن ابن إسحاق .
وقال محمد بن سعد في كتابه المترجم بالطبقات عن الواقدي : كان عمره يوم شق بطنه أربع سنين ، وا حليمة أتت به أمه آمنة بنت وهب وأخبرتها خبره وقالت : انا لا نرده إلا على جدع انفنا ؛ ثم رجعت به أيضا فكان عندها سنة أو نحوها لا

الصفحة 59