كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 60 """"""
تدعه يذهب مكاناً بعيدا ثم رأت غمامة تظله ، إذا وقف وقفت ، وإذا سار سارت ، فأفزعها ذلك من أمره ، فقدمت به إلى أمه لترده وهو ابن خمس سنين ، فأضلها في الناس ، فالتمسته فلم تجده ، فأتت عبد المطلب فأخبرته ، فالتمسه فلم يجده ، فقام عند الكعبة فقال :
لا همّ ردّ راكبي محمّدا . . . أردده ربّي واصطنع عندي يدا
انت الذي جعلته لي عضدا . . . لا يبعد الدهر به فيبعدا
انت الذي سميته محمدا قال ابن اسحاق : يزعمون انه وجده ورقة بن نوفل بن أسد ورجل آخر من قريش ، فأتيا به عبد المطلب ، فقالا : هذا ابنك وجدناه بأعلى مكة ، فأخذه عبد المطلب فجعله على عنقه وهو يطوف بالكعبة يعوذه ويدعو له ، ثم أرسل به إلى أمه آمنة . وعن خالد بن معدا الكلاعي : انفراً من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) قالوا له : يا رسول الله أخبرنا عن نفسك ، قال : نعم . انا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ورأت أمي حين حملت بي انه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام ، واسترضعت في بني سعد بن بكر ، فبينما انا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتاني رجلأن عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة تلجا فأخذاني فشقا بطني ، ثم استخرجا قلبي فشقاه ، فاستخرجا منه علقةً سوداء فطرحاها ثم غسلا بطني وقلبي بذلك اللج حتى انقياه ، ثم قال أحدهما لصاحبه : زنه بعشرة من أمته ، فوزنني بهم فوزننهم ، ثم قال : زنه بمائة من أمته ، فوزنني بهم فوزنتهم ، ثم قال : زنه بألف من أمته ، فوزنني بهم فوزنتهم ، فقال : دعه عنك ، فلو وزنته بأمته لوزنها .

الصفحة 60