كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 62 """"""
عندهم شهرا فكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يذكر أموراً كانت في مقامه ذلك لما نظر إلى أطم بني عدي بن النجار عرفه وقال : كنت ألاعب انيسة جاريةً من الأنصار على هذا الأطم ، وكنت مع غلما من أخوالي ؛ ونظر إلى الدار فقال : ها هنا نزلت بي أمين وفي هذه الدار قبر أبي عبد الله ، وأحسنت العوم في بئر بني عدي بن النجار ، وكا قوم من اليهود يختلفون ينظرون إليه ، فقالت أم أيمن : فسمعت أحدهم يقول : هذا نبي هذه الأمة ، وهذه دار هجرية ، فوعيت ذلك كله من كلامه ؛ ثم رجعت به إلى مكة ، فلما كانوا بالأبواء توفيت آمنة بنت وهب فقبرها هناك ، فرجعت به أمه ثم بعداماتت ، فلما مر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في عمرة الحديبية قال : ان الله أذن لمحمدٍ في زيارة قبر أمه فأتاه ( صلى الله عليه وسلم ) فأصله وبكى عنده ، وبكى المسلمون لبكائه ، فقيل له ، فقال : أدركتني رحمتها فبكيت . والله الرحمن .
ذكر كفالة عبد المطلب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
قال : ولما توفيت أمه آمنة قبضه إليه جده عبد المطلب وضمه إليه ورق عليه رقة لم يرقها على ولده ، وكا يقربه منه ويدنيه ، ويدخل عيلان ذا خلا وإذا نام ، ويجلس على فراشه ؛ وكا يوضع لعبد المطلب فراشٌ في ظل الكعبة ، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه ، لا يجلس عيلان حد من بنيه إجلالاً له ، وكا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأتي وهو غلامٌ حتى يجلس عليه ، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه ، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم : دعوا ابني ، فواللهاله لشانا ثم يجلسه معه عليه ، ويمسح ظهره بيده ، ويسره ما يراه يصنع .
وقال قوم من بني مدلج لعبد المطلب : احتفظ به ، فانا لم نر قدماً أشبه بالقدم التي في المقام منه ؛ فقال عبد المطلب لأبي طالب : اسمع ما يقول هؤلاء .

الصفحة 62