كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 64 """"""
فأقرها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على ما مضى .
وعن عبد الله بن عباس وغيره ، قالوا : لما توفي عبد المطلب قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عمه أبو طالب ، قيل بوصيةٍ من عبد المطلب ، فأحبه حباً شديدا وكا لا يفارقه ، وكا يخصه بالطعام ، وكا إذا أكل عيال أبي طالب جميعاً أو فرادى لم يشبعوا وإذا أكل معهم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) شبعوا ؛ فكان إذا أرادايغذيهم قال : كما أنتم حتى يحضر ابني ؛ فيأتي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فيأكل معهم ، فيفضلون من طعامهم ، وا لم يكن معهم لم يشبعوا فيقول أبو طالب : انك لمبارك ؛ وكا الصبيا يصبحون رمصاً شعثا ويصبح عيلان لسلام دهيناً كحيلاً .
ذكر خروج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الشام مع عمه أبي طالب ، وخبر بحيرا الراهب
قالوا : لما بلغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اثنتي عشرة سنةً وعشرة أيام ، خرج أبو طالب في ركبٍ تاجراً إلى الشام ، فلما تهيأ للرحيل تعلق به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فرق له أبو طالب وقال : والله لأخرجن به ، ولا يفارنقي ولا أفارقه أبدا فخرج به معه ، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام ، وبها راهبٌ يقال له بحيرا في صومعةٍ له ، وكا إليه علم أهل النصرانية ، ولم يزل في تلك الصومعة راهبٌ إليه يصير علمهم عن كتابٍ فيها يتوارثونه كابراً عن كابرٍ ، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيراً ما يمرون به قبل ذلك ، وهو لا يكلمهم ، فصنع لهم طعاماً كثيرا وذلك انه رأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو في صومعته ، في الركب حين أقبلوا وغمامةٌ تظله من بين القوم ، فلما نزلوا في ظل شجرة قريباً منه ، نظر إلى الغمامة وقد أظلت الشجرة ، وتهصرت أغصانها على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى استظل تحتها فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته ، وقد أمر

الصفحة 64