كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 75 """"""
عليهم ، وفيما نقل إلينا من كلامهم ، ووجد بخطهم ، وبشر به أحبار يهود ، وعلماء النصارى ، عما انتهى إليهم من العلوم التي تلقوها عن الأنبياء صلوات الله عليهم ، ونقلوها من صحفهم ، ومخبئات كتبهم ، وذخائر أسرارهم ، حتى اعترف قوم بنبوته ( صلى الله عليه وسلم ) قبل مولده وظهوره بما شاء الله من السنين ، وأوصوا به من بعدهم ؛ فمنهم من آمن به ، ومنهم من صد عنه ؛ وبشر به أيضاً قبل مبعثه كها العرب ، عما كان يأتيهم من أخبار السماء على لسا شياطينهم الذين كانوا يسترقون السمع ومنعوا بالشهب ، كما أخبرنا الله تعالى في قوله : " وانا كُنَّا نَقْعُدُ مِنها مَقَاعِد للسَّمْع فَمَنْ يَسْتَمِع الأن يَجِدْ لَه شِهَاباً رَصَداً " ، ونطق الجا من أجواف الأصنام بالبشارة به ، فكان ذلك سبباً لإسلام من سمع أصواتها ممن سبقت له من الله الحسنى ، وهداه وأرشده إلى اتباع الحق ، والإيما برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وبما جاء به من عند الله ، على ما نذكر ذلكاشاء الله تعالى في مواضعه . فأما جاءت به الكتب المنزلة من الله تعالى مما يدل على نبوة سيدنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقد جاء ذلك في القرا العزيز ، وفي التوراة ، والأنجيل ، وزبور داود ، وكتب الأنبياء : شعيا وشمعون ، وحزقيل عليهم السلام .
فأما ما جاء في القرا العزيز فقد قال الله عز وجل : " وَإذ قَال عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ يا بَني إسْرَائِيلَ اني رَسُولُ اللهِ إلَيْكُم مصدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِن التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأتي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أحْمَدُ " ، وقال تعالى : " وَإذْ أخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُم لَتُؤمِنُنَّ بهِ وَلَتَنْصُرُنَّه ، قَالَ أأقْرَرْتُم وَأخَذْتُمْ عَلَي ذَلِكُم إصْري قَالُوا أقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَانا مَعَكُم مِنَ الشَّاهِدِينَ " . قال أهل التفسير : أخذ الله الميثاق بالوحي ، فلم يبعث نبياً إلا ذكر له محمداً ونعته ، وأخذ عليه ميثاقه : ان أدركه ليؤمنن به ؛ وقيل : ايبينه لقومه ، ويأخذ ميثاقهمايبينوه لمن بعدهم ؛ وقوله تعالى : " ثُمَّ جَاءَكُم رَسُولٌ " الخطاب لأهل الكتاب المعاصرين لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، انه قال : لم يبعث الله نبياً من آدم فمن بعده ، إلا أخذ عليهم العهود في محمد ( صلى الله عليه وسلم ) : لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه

الصفحة 75