كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 77 """"""
قال الشيخ حجة الدين أبو هاشم محمد بن ظفر في كتابه المترجم بخير البشر : لا يخالف في هذا أحد من أهل الكتاب . قال : وأما قوله : جاء الله من طور سيناء فا مجيء الله هو مجيء كتابه وأمره كما قال الله تعالى : " فَاتَاهُمُ اللَهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا " ؛ أي أتاهم أمره . وقوله : " وأشرق لنا من سِاعير " كنايةٌ عن ظهور أمره وكلامه ، قال : وكذلك قوله : " واستعلن من جبال فاران " ، أي ظهر أمره ، وكتابه ، وتوحيده ، وحمده ، وما شرعه رسوله من ذكره بالأذا والتلبية وغير ذلك ؛ قال ابن ظفر : وقرأت في ترجمةٍ للتوراة خطاباً لموسى عيلان لسلام ، والمراد به الذين اختارهم لميقات ربه فأخذتهم الرجفة خصوصا ثم سائر بني إسرائيل عموماً : والله ربك يقيم نبياً من إخوتك ، فاستمع له كالذي سمعت ربك في حوربت يوم الاجتماع حين قلت : لا أعود أسمع صوت الله ربي لئلا أموت ، فقال الله لي : نعم ما قالوا : وسأقيم لهم نبياً مثلك من إخوتهم ، وأجعل كلامي في فمه ، فيقول لهم : كل شيء آمره به ، وأيما رجلٍ لم يطع من تكلم باسمي فاني انتقم منه .
وفي هذا أدلة على نبوة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) ، منها قوله : من إخوتهم ، وموسى وقومه من بني إسحاق ، وإخوتهم بنو إسماعيل ، ولو كان الموعود من بني إسحاق ، لكا من انفسهم ، لا من إخوتهم ، كما قال تعالى إخباراً عن إبراهيم في دعوته : " رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِم رَسُولاً مِنْهُم " ، وكما قال تعالى : " لَقَد جَاءَكُم رَسُولٌ مِن انفُسِكُم " ؛ ومنها قوله : نبياً مثلك ، وقد قال في التوراة : لا يقوم في بني إسرائيل أحدٌ مثل موسى ، وفي ترجمةٍ أخرى : مثل موسى لا يقوم في بني إسرائيل أبداً ؛ ومنها قوله : أجعل كلامي في فمه ، فهو واضح ان المقصود به محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، لأن معناه : أوحى إليه بكلامي فينطق به ؛ وقوله : " أيُّما رجلٍ لم يُطِع من تكلّم باسمي فاني انتقم منه " دليل على كذب اليهود في قولهم : ان الله أمرنا بمعصية كل نبي دعا إلى دين سمى نسخاً لبعض ما شرعه موسى ( صلى الله عليه وسلم ) . والله تعالى أعلم .
وأما ما اتفقوا عليه ، ورضوا ترجمته مما في الأنجيل فمن ذلك ما ترجموه في

الصفحة 77