كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 80 """"""
الذي سرت به نفسي انزل عليه وحيي ، فيظهر في الأمم عدلي ، ويوصيهم بالوصايا لا يضحك ، ولا يسمع صوته في الأسواق ؛ يفتح العيون العورن والآذا الصم ، ويحيي القلوب الغلف ؛ وما أعطيه لا أعطي أحدا مشقح يحمد الله حمداً جديدا يأتي من أقصى الأرض . تفرح البرية وسكانها يهللون الله على كل شرف ، ويكررونه على كل رابية ، ولا يضعف ولا يغلب ، ولا يميل إلى الهوى ولا يذل الصالحين الذين هم كالقصبة الضعيفة ، بل يقوى الصديقين ، وهو ركن المتواضعين ، وهو نور الله الذي لا يطفا أثر سلطانه على كتفيه .
قال ابن ظفر : هذه ترجمة السريانيين ، وعبر العبرانيون عنه با قالوا : على كتفيه علامة النبوة ؛ فهذا كله صريح في البشارة به ( صلى الله عليه وسلم ) ، مع ما فيه من ذكر قيام دولة العرب بقوله : تفرح البرية وسكانها ؛ وأما قوله : مشقح فهو محمد ، لأن الشقح بلغتهم الحمد .
ومما ترجموه منهاشعياء عيلان لسلام قال : قم نظاراً فانظر ما ترى ، فأخبر به ، فقلت : أرى ركبين مقبلين ، أحدهما على حمار ، والآخر على جمل ؛ يقول أحدهما أصاحبه : سقطت بابل وأصنامها فهذه بشارة صريحة بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لأنه راكب الجمل لا محالة ، ولأن ملك بابل انما ذهب بنبوته ( صلى الله عليه وسلم ) وعلى يد أصحابه ، على ما نذكرهاشاء الله تعالى . قال : وقد كان على باب من أبواب الإسكندرية صورة جمل من نحاس ، عليه راكب من نحاس ، في هيئة العرب مؤتزر مرتدٍ ، عليه عمامة ، وفي رجليه نعلأن ، كل ذلك من نحاس ؛ وكانوا إذا تظالموا يقول المظلوم للظالم : أعطني حقي قبلايخرج هذا فيأخذ لي بحقي منك ، شئت أو أبيت ، ولم يزل الصنم على ذلك حتى افتتح عمرو بن العاص أرض مصر ، فغيبوا الصنم .
ومنه : أيتها العاقر افرحي واهتزي وانطلقي بالتسبيح ، فا أهلك يكونون أكثر من أهلي . قال : فالعاقر مكة ، لأنها بوادٍ غير ذي زرع ، أو لأن الله لم يبعث بها

الصفحة 80