كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 83 """"""
وحفظت سمينها ؛ فلما فعلت بها ذلك بطرت ، فتناطحت كباشها فقتل بعضها بعضاً . فويل لهذه الأمة الحاطئة ، ويل لهؤلاء القوم الظالمين ؛ اني قضيت يوم خلقت السموات والأرض قضاء حتما وجعلت له أجلاً مؤجلاً لا بد منه ، فا كانوا يعلمون الغيب فليخبروك متى حتمته ، وفي أي زما يكون ذلك ، فاني مظهره على الدين كله ، فليخبروك متى يكون هذا من القيم به . ومن أعوانه وانصاره ، اكانوا يعلمون الغيب فاني باعث بذلك رسولاً من الأميين ليس بفظٍ ولا غليظ ، ولا صخاب في الأسواق ، ولا فوال بالهجر والجنى ، أسدده بكل جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة على لسانه ، والتقوى ضميره ، والحكمة منطقه ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه والحق شريعته ، والعدل سيرته ، والإسلام ملته ، أرفع به من الوضيعة ، وأغني به من العيلة ، وأهدي به من الضلالة ، وأؤلف به بين قلوب متفرقة ، وأهواء مختلفة ، وأجعل أمته خير الأمم إيماناً بي وتوحيداً لي ، وإخلاصاً بما جاء به رسولي ، ألهمهم التسبيح والتحميد والتمجيد لي في صلواتهم ومساجدهم ومنقلبهم ومثواهم ، يخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي يقاتلون في سبيلي صفوفا ويصلون لي قياماً وركوعاً وسجودا يكبرونني على كل شرف ، رهبا بالليل ، أسد بالنهار ؛ ذلك فضلى أوتيه من أشاء ، وانا ذو الفضل العظيم .
ومنه ما روى عنه انه قال : قرأت في بعض الكتب القديمة : قال الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي لأنزلن على جبال العرب نوراً يملأ ما بين المشرق والمغرب ، ولأخرجن من ولد إسماعيل نبياً عربياً أمياً يؤمن به عدد نجوم السماء ونبات الأرض ، كلهم يؤمن بي ربا وبه رسولأن ويكفرون بملل آبائهم ، ويفرون منها . قال موسى : سبحانك وتقدست أسماؤك لقد كرمت هذا النبي وشرفته ، قال الله عز وجل : يا موسى اني انتقم من عدوه في الدنيا والآخرة ، وأظهر دعوته على كل عدوة ، وسلطانه ومن معه على البر والبحر ، وأخرج لهم من كنوز الأرض ، وأذل من خالف شريعته ؛ يا

الصفحة 83