كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 87 """"""
بغير حساب ، ثم يأتي ثلث منهم بذنوب وخطايا فيغفر لهم ، ويأتي ثلث بذنوب وخطايا عظام ، فيقول الله : اذهبوا بهم فزنوهم وانظروا إلى أعمالهم ، فيزنونهم ويقولون : ربنا وجدناهم قد أسرفوا على انفسهم ، ووجدنا أعمالهم من الذنوب أمثال الجبال ، غير انهم كانوا يشهدونالا إله إلا الله فيقول الله : وعزتي لا أجعل من أخلص لي الشهادة كمن كفر بي ؛ قال كعب : فانا أرجو ان أكون من هذه الثلاثةاشاء الله تعالى .
ومنه ما روىارجين جلسا يتحدثا وكعب الأحبار قريبٌ منهما فقال أحدهما : رأيت فيما يرى النائم كان الناس حشروا فرأيت النبيين كلهم لهم نورا نوران ، ورأيت لأشياعهم نوراً نورا ورأيت محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) وما من شعرة في رأسه ولا جسده إلا وفيها نور ، ورأيت أتباعه ولهم نورا نوران ، فقال له كعب : اتق الله تعالى يا عبد الله وانظر ما تتحدث به ، فقال الرجل : انما هي رؤيا منام أخبرت بها على ما أريتها فقال كعب : والذي بعث محمداً بالحق ( صلى الله عليه وسلم ) ، وانزل التوراة على موسى بن عمران ، اهذا لفي كتاب الله المنزل على موسى بن عمرا كما ذكرت .
وأما ما جاء عن أبي ثعلبة وهو أبو مالك ، وكا من أحبار يهود ، روى الواقدياعمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له : يا أبا مالك أخبرني بصفة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في التوراة ، فقال : اصفته في توراة بني إسرائيل التي لم تبدل ولم تغير أحمد ، من ولد إسماعيل بن إبراهيم ، وهو آخر الأنبياء ؛ وهو النبي العربي ، يأتي بدين إبراهيم الحنيف ، يأتزر على وسطه ، ويغسل أطرافه ، في عينيه حمرة ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، ليس بالقصير ولا بالطويل ، يلبس الشملة ، ويجتزئ بالبغلة ويركب الحمار ، ويمشي في الأسواق ، سيفه على عاتقه ، لا يبالي من لقي من الناس ، معه صلاةٌ لو كانت في قوم نوح ما أهلكوا بالطوفان ، ولو كانت في قوم عادٍ ما أهلكوا بالريح ، ولو كانت في ثمود ما أهلكوا بالصيحة ، مولده مكة ، ومنشؤه وبدء نبوته بها ودار هجرته يثرب بين لابتي حرة ونحل وسبخة ، وهو أميٌ لا يكتب ولا يقرأ

الصفحة 87