كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 90 """"""
ونويت جميع الخيرات ، فلم يخرج العالم من عنده حتى برئ من علته ، وعافاه الله بقدرته ، فآمن بالله من ساعته ، وخرج من منزله صحيحاً على دين إبراهيم عيلان لسلام ، وخلع على الكعبة سبعة أثواب ، وهو أول من كسا الكعبة ، ودعا أهل مكة ، وأمرهم بحفظ الكعبة ، وخرج إلى يثرب ، وهي يومئذ بقعةٌ فيها عين ماء ليس فيها بيتٌ مبني ولا بناء ، فنزل على رأس العين هو وعسكره وجميع العلماء الذين كانوا معه ، ومعهم رئيسهم عماريشا الذي كان يرى برأيه . ثم العلماء والحكماء اجتمعوا وكانوا أربعة آلاف ، فأخرجوا من بينهم أربعمائة هم أعلمهم وبايع كل واحدٍ منهم صاحبهالا يخرجوا من ذلك المقام وا ضربهم الملك أو قتلهم ، فلما علم الملك ما قد عزموا عليه ، قال للوزير : ما شانهم يمتنعون عن الخروج معي ، وانا محتاج إليهم ؟ وأي حكمة في نزولهم في هذا المكان ، واختيارهم إياه على سائر النواحي ، فلما أتاهم الوزير وسألهم عما عزموا عليه ، واختيارهم المقام بهذه البقعة ، قالوا له : أيها الوزير ؟ اشرف ذلك البيت ، وشرف هذه البقعة التي نحن فيها بشرف رجل يبعث في آخر الزمان ، يقال له محمد ووصفوه ، ثم قالوا : طوبى لمن أدركه وآمن به ، وقد كنا على رجاءاندركه أو يدركه أولادنا فلما سمع الوزير مقالتهم هم بالمقام معهم ، فلما جاء وقت الرحيل أمرهم الملكايرتحلوا فقالوا : لا نفعل ، وقد أعلمنا الوزير بحكمة مقامنا فدعا الوزير فأخبره بما سمع منهم ، فتفكر الملك وهمايقيم معهم سنةً رجاءايدرك محمداً ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقام وأمر الناسايبنوا أربعمائة دار ، لكل رجل من العلماء دار واشترى لكل واحد منهم جارية وأعتقها وزوجها برجل منهم ، وأعطى كل واحد منهم عطاءً جزيلأن وأمرهمايقيموا في ذلك الموضع إلىايجيء زما النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم كتب كتاباً وختمه بخاتم من ذهب ، ودفعه إلى العالم الكبير ، وأمرهايدفع الكتاب إلى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ان أدركه ، وإلا أوصى به أولاده بمثل ما أوصاه به ، وكذلك أولاده حتى ينتهي أمره إلى محمد ( صلى الله عليه وسلم ) . وكا في الكتاب : أما بعد فاني آمنت بك وبكتابك الذي انزل عليك ، وانا على دينك وسنتك ، وآمنت بربك ورب كل شيء ، وآمنت بكل ما جاء من ربك من شرائع الإيما والإسلام ، فا أدركتك فبها ونعمت ، وا لم أدركك فاشفع لي ، ولا تنسني يوم القيامة ، فاني من أمتك الأولين ؛ وتابعيك قبل مجيئك ، وانا على ملتك وملة أبيك إبراهيم عيلان لسلام . ثم ختم الكتاب ونقش عليه : " لِلهِ الأْمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ " وكتب على عنوانه إلى محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله ، وخاتم النبيين ،

الصفحة 90