كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 91 """"""
ورسول رب العالمين ، ( صلى الله عليه وسلم ) ، من تبع الأول حمير بن حمير ابن وردع أمانةً لله في يد من وقع إليه إلىايوصله إلى صاحبه ، ودفع الكتاب إلى الرجل العالم الذي أبرأه من علته . وصار تبع من يثرب حتى مات بقلسا من بلاد الهند .
وكا من اليوم الذي مات فيه تبع إلى اليوم الذي بعث فيه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ألف سنةٍ لا تزيد ولا تنقص ، وكا الأنصار الذين نصروا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من أولاد أولئك العلماء والحكماء ، فلما هاجر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة ، سأله أهل القبائلاينزل عليهم ما نذكر ذلكاشاء الله تعالى ؛ فكانوا يتعلقون بناقته وهو يقول : خلوا الناقة فانها مأمورة ، حتى جاءت إلى دار أبي أيوب ، وكا من أولاد العالم الذي أبرأ تبعا برأيه .
قال ابن إسحاق : واستشار الأنصار عبد الرحمن بن عوف في إيصال الكتاب إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) لما ظهر خبره قبل هجرته ، فأشار عبد الرحمنايدفعوه إلى رجل ثقة ، فاختاروا رجلاً يقال له أبو ليلى وكا من الأنصار ، فدفعوا الكتاب إليه وأوصوه بحفظه ، فأخذ الكتاب وخرج من المدينة على طريق مكة ، فوجد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في قبيل من بني سليم ، فعرفه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فدعاه وقال : انت أبو ليلى ؟ فقال : نعم ، قال : معك كتاب تبع الأول ؟ قال : نعم ، فبقى الرجل متفكرا وقال في نفسه : اهذا من العجائب ، ثم قال له أبو ليلى : من انت ، فاني لست أعرفك ؟ افي وجهك أثر السحر ، وتوهم انه ساحر ، فقال له : بل انا محمد رسول الله ، هات الكتاب ، فأخرجه ودفعه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأخذه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ودفعه إلى علي كرم الله وجهه ، فقرأه عليه ، فلما سمع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كلام تبع قال : مرحباً بالأخ الصالح ثلاث مرات ، ثم أمر أبا ليلى بالرجوع إلى المدينة ، فرجع وبشر القوم بقدوم النبي ( صلى الله عليه وسلم ) . ومن ذلك ما روى ان أبا كرب تبا بن أسعد ملك اليمن أحد التبابعة لما قصد بلاد الشرق ، جعل طريقه على يثرب ، فلم يهج أهلها وخلف بين أظهرهم ابناً له ، فقتل غيلة ، فقدمها وهو مجمع لإخراجها واستئصال أهلها وقطع نخلها فجمع له أهل المدينة ورئيسهم يومئذ عمرو بن طلة أحد بني النجار ؛ ، وهو عمرو بن معاوية بن

الصفحة 91