كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 95 """"""
حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبدا فكنت عنده ، ورأيت النخل ؛ ورجوتايكون البلد الذي وصف لي صاحبي ، ولم يحق في نفسي ؛ فبينا انا عنده ؛ إذ قدم عيلان بن عمٍ له من بني قريظة من المدينة ، فابتاعني منه ، فحملني إلى المدينة ، فوالله ما هو إل ان ارأيتها فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها . وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقام بمكة ما أقام ، لا أسمع له بذكرٍ مع ما انا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فواللهالفي رأس عذقٍ لسيدي أعمل له فيه بعض العمل ، وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عمٍ له ، حتى وقف عليه فقال : يا فلأن ، قاتل الله بن قيلة ، انهم والله الأن لمجتمعون بقباء ، على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون انه نبي ، قال : فلما سمعته أخذتني العرواء حتى ظننت اني ساقط على سيدين فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لأبن عمه ذلك : ماذا تقول ؟ فغضب سيدي ولكمني لكمةً شديدة ، ثم قال : مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك ، فقلت لا شيء انما أردت ان أستثبته عما قال . قال سلمان : وكا عندي شيء قد جمعته ، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو بقباء ، فدخلت عليه فقلت له : انه قد بلغني انك رجل صالح ، ومعك أصحاب لك غرباء ذووا حاجة ، وهذا شيء كان عندي للصدقة ، فرأيتكم أحق به من غيركم ، قال : فقربته إليه ، فقال لأصحابه : كلوا وأمسك يده فلم يأكل . قال : قلت في نفسي : هذه واحدة ، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة ، ثم جئته به ، فقلت : اني قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية أكرمتك بها قال : فأكل منها وأمر أصحابه فأكلوا معه ، قال : قلت في نفسي : هاتا اثنتان . قال : ثم جئت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه ، على شملتا لي ، وهو جالس في أصحابه ، فسلمت عليه ثم استدرت انظر إلى ظهره ، هل أرى الخاتم الذي وصف لي ، فلما راني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) استدبرته ، عرف اني أستثبت من شيء وصف لي ، فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عيلان قبله وأبكى ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : تحول فتحولت فجلست بين يديه ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس ، فأعجب

الصفحة 95