كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 96 """"""
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )ايسمع ذلك أصحابه . ي وبم تأمرني ؟ قال يا بني والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية ، فأخبرته خبري ، فقال : أقم عندي ، فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم ، قال : واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة ، قال : ثم نزل به أمر الله ، فلما حضر قلت له : يا فلأن اني كنت مع فلأن فأوصى بي إلى فلأن ، ثم أوصى بي فلأن إلى فلأن ، ثم أوصى بي فلأن إلى فلأن ، ثم أوصى بي فلأن إليك ، فإلى من توصي بي وبم تأمرني ؟ قال : يا بني والله ما أعلمه أصبح أحدٌ على مثل ما كنا عليه من الناس آمركاتأتيه ، ولكنه قد أظل زما نبي هو مبعوثٌ بدين إبراهيم عيلان لسلام ، يخرج بأرض العرب ، مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل ، به علامات لا تخفى ؛ يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، بين كتفيه خاتم النبوة ، فا استطعتاتلحق بتلك البلاد فافعل ، قال : ثم مات وغيب ، ومكثت بعمورية ما شاء الله ان أمكث ، ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم ، احملوني إلى أرض العرب ، وأعطيكم بقراتي هذه ، وغنيمتي هذه ، قالوا : نعم . وأعطيتهموها وحملوني معهم ، حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبدا فكنت عنده ، ورأيت النخل ؛ ورجوتايكون البلد الذي وصف لي صاحبي ، ولم يحق في نفسي ؛ فبينا انا عنده ؛ إذ قدم عيلان بن عمٍ له من بني قريظة من المدينة ، فابتاعني منه ، فحملني إلى المدينة ، فوالله ما هو إل ان ارأيتها فعرفتها بصفة صاحبي ، فأقمت بها . وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقام بمكة ما أقام ، لا أسمع له بذكرٍ مع ما انا فيه من شغل الرق ، ثم هاجر إلى المدينة ، فواللهالفي رأس عذقٍ لسيدي أعمل له فيه بعض العمل ، وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عمٍ له ، حتى وقف عليه فقال : يا فلأن ، قاتل الله بن قيلة ، انهم والله الأن لمجتمعون بقباء ، على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون انه نبي ، قال : فلما سمعته أخذتني العرواء حتى ظننت اني ساقط على سيدين فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لأبن عمه ذلك : ماذا تقول ؟ فغضب سيدي ولكمني لكمةً شديدة ، ثم قال : مالك ولهذا ؟ أقبل على عملك ، فقلت لا شيء انما أردت ان أستثبته عما قال . قال سلمان : وكا عندي شيء قد جمعته ، فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو بقباء ، فدخلت عليه فقلت له : انه قد بلغني انك رجل صالح ، ومعك أصحاب لك غرباء ذووا حاجة ، وهذا شيء كان عندي للصدقة ، فرأيتكم أحق به من غيركم ، قال : فقربته إليه ، فقال لأصحابه : كلوا وأمسك يده فلم يأكل . قال : قلت في نفسي : هذه واحدة ، ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة ، ثم جئته به ، فقلت : اني قد رأيتك لا تأكل الصدقة ، وهذه هدية أكرمتك بها قال : فأكل منها وأمر أصحابه فأكلوا معه ، قال : قلت في نفسي : هاتا اثنتان . قال : ثم جئت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه ، على شملتا لي ، وهو جالس في أصحابه ، فسلمت عليه ثم استدرت انظر إلى ظهره ، هل أرى الخاتم الذي وصف لي ، فلما راني رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) استدبرته ، عرف اني أستثبت من شيء وصف لي ، فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عيلان قبله وأبكى ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : تحول فتحولت فجلست بين يديه ، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس ، فأعجب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )ايسمع ذلك أصحابه . ثم شغل سلما الرق حتى فاته مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بدرٌ وأحد . قال سلمان : ثم قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : كاتب يا سلمان ، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلةٍ أحييها له بالفقير ، يعني الآبار الصغار ، وأربعين أوقية ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه : أعينوا أخاكم ، فأعانوني بالنخل ؛ الرجل بثلاثين وديةً ، والرجل بعشرين ودية ، والرجل بخمس عشرة ودية ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : اذهب يا سلما ففقر لها فإذا فرغت فأتني ، أكن انا أضعها بيدي . قال : ففقرت ، وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) معي إليها فجعلنا نقرب إليه الودى ، ويضعه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بيده حتى إذا فرغنا فوالذي نفس سلما بيده ما مات منها ودية واحدة ، فأديت النخل ، وبقى على المال ، فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن ، فقال : ما فعل الفارسي المكاتب ؟ قال : فدعيت ، فقال : خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان ، قال : وقلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي ؟ فقال : خذها فا الله سيؤدي بها عنك ، وفي رواية : فأخذها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقلبها على لسانه ثم قال : خذها فأوفهم منها . قال : فأخذتها فوزنت لهم منها - والذي نفس سلما بيده - أربعين أوقيةً ، فأوفيتهم حقهم منها وعتق سلمان . فشهدت مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الخندق حرا ثم لم يفتني معه مشهد .
قال محمد بن إسحاق بسند رفعه إلى عمر بن عبد العزيز ، انه قال : حدثت عن سلما انه قال لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين أخبره : اصاحب عمورية قال له : ائت كذا وكذا من أرض الشام ، فا بها رجلاً بين غيضتين يخرج في كل سنة من هذه الغيضة

الصفحة 96