كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 16)

"""""" صفحة رقم 99 """"""
منيعا وانبتك نباتاً طابت أرومته ، وعظمت جرثومته ، وثبت أصله ، وبسق فرعه ، في أطيب موضع وأكرم معدن ؛ وانت - أبيت اللعن - ملك العرب الذي عيلان لاعتماد ، ومعقلها الذي تلجأ إليه العباد ، سلفك خير سلف ، وانت لنا منهم خير خلف ، فلن يهلك ذكر من انت خلفه ، ولن يخمل ذكر من انت سلفه ، نحن أهل حرم الله وسدنة بيت الله ، أشخصنا إليك الذي أبهجنا من كشفك الكرب الذي فدحنا فنحن وفد التهنئة ، لا وفد المرزئة . قال له الملك : من انت أيها المتكلم ؟ فقال : انا عبد المطلب بن هاشم ، قال : ابن أخينا ؟ قال : نعم ، قال : ادنه ، ثم أقبل عليه وعلى القوم فقال : مرحباً وأهلاً وأرسلها مثلأن وكا أول من تكلم بها وناقةً ورحلأن ومستناخاً سهلأن وملكاً ربحلأن يعطى عطاءً جزلأن قد سمع الملك مقالتكم ، وعرف قرابتكم ، وقبل وسيلتكم ، فانكم أهل الليل والنهار ، ولكم الكرامة ما أقمتم ، والحباء إذا ظعنتم ، ثم انهضوا إلى دار الضيافة والوفود ، وأجريت عليهم الأنزال ، فأقاموا بذلك شهراً لا يصلون إليه ، ولا يؤذن لهم في الأنصراف ، ثم انتبه لهم انتباهةً فأرسل إلى عبد المطلب فأدناه ثم قال له : يا عبد المطلب ، اني مفض إليك من سر علمي أمراً لو غيرك يكون لم أبح به ، ولكني رأيتك معدته ، فأطلعتك عليه ، فليكن عندك مخبأ حتى يأذن الله عز وجل فيه ؛ اني أجد في الكتاب المكنون ، والعلم المحزون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيما فيه شرف الحياة ، وفضيلة الوفاة للناس عامة ، ولرهطك كافة ، ولك خاصة ، فقال له عبد المطلب : مثلك أيها الملك سر وبر ، فما هذا فداك أهل الوبر زمراً بعد زمر ؟ قال : إذا ولد بتهامة ، غلام بين كتفيه شامة ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزعامة ، إلى يوم القيامة .

الصفحة 99