كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 7)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: "يتصدق بدينار أو نصف دينار".
قال أبو داود: "كذا الرواية الصحيحة: "بدينار أو بنصف دينار" وربما لم يرفعه شعبة. وهذا ليس فيه توهين له، لاحتمال أن يكون عنده فيه المرفوع، والموقوف، ويكون ابن عباس - رضي الله عنه - قد رواه، ورآه فحمله، وأفتى به!!.
قلت: فرق بين أن يرويه موقوفاً، أو أن يسأل فيفتي به، والمحدثون يفرقون بين هذا وهذا، وإن كان الفقهاء لا يفرقون بين الرواية والفتوى، فيحملون الموقوف على المرفوع ظناً منهم أن هذا منه من قبيل الفتوى, ولا يتمشى هذا على طريقة المحدثين، بل إن المحدثين يذهبون إلى أبعد من هذا فيفرقون بين ما سمعوه في المذاكرة، وإن كان على سبيل الرواية، وبين غيره، لأن المذاكرة قد يتساهل الشيخ في النص المروي .. فلله درهم!! وأين هذا من طريقة الفقهاء والأصوليين فيما إذا تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف، فإنهم يحكمون لمن وصله أو رفعه مطلقاً ما دام أن الراوي مقبول الرواية!!
نعود إلى كلام ابن القطان ... قال: "فأما طريق أبي داود فصحيح، فإن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب اعتمده أهل الصحيح، منهم البخاري، ومسلم، ووثقه النسائي والكوفي.
ويحق له، فقد كان محمود السيرة في إمارته على الكوفة لعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - ضابطاً لما يرويه، ومن دونه في الإسناد لا يسأل عنهم.
ويتكرر على سمعك من بعض المحدثين أن هذا الحديث في كفارة من أتى حائضاً لا يصح، فلتعلم أنه لا عيب له عندهم إلا الاضطراب زعموا.
ثم قال: "فنقوله: الرجال الذين رووه مرفوعاً ثقات، وشعبة إمام أهل الحديث كان يقول: أما حفظي فمرفوع، وقال فلان وفلان إنه كان لا يرفعه، فقال له بعض القوم: يا أبا بسطام، حدثنا بحفظك ودعنا من فلان وفلان، فقال: والله ما أحب أني حدثت بهذا أو سكت أو أني عمرت في الدنيا عمر نوح في قومه فهذا غاية التثبت منه.
وهبك أن أوثق أهل الأرض خالفه فيه فوقفه على ابن عباس، كان ماذا؟ أليس إذا روى الصحابي حديثاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجوز له، بل يجب عليه أن يقلد مقتضاه فيفتي!! هذا قوة للخبر لا توهين له.
الصفحة 410
495