كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 7)

والحقيقة هذا الجواب من ابن القيم ليس بالذي يشفي الصدر، فلا يزال في النفس شيء، فقوله: إن إطلاق المراجعة على ابتداء النكاح فهي ليست في مسألتنا، والتعبير "أن يتراجعا" يختلف عن قوله: "فليراجعها" فإن الأول مفاعلة من الطرفين، لأن ابتداء النكاح لا بد فيه من الرضا منهما، والمراجعة حق للزوج ولو لم ترضى الزوجة، وأما قوله: إن الرجل من عادته إذا طلق زوجته أن يخرجها عنه فأمره أن يراجعها ويمسكها فهذا لا يظن من ابن عمر، وقد كان الطلاق منه بعد سورة الطلاق لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: (فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء)، وقد قال سبحانه في سورة الطلاق: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (¬١). وحرص ابن عمر على السنة معلوم، وليس في الحديث ذكر أن ابن عمر قد أخرجها من بيته حتى يقال المراد "فليراجعها" الرد الحسي، وجميع طرق الحديث لم تتعرض لهذا، فاعتقاد أن ابن عمر قد أخرجها من بيته فأمره أن يرده إليه بيته دعوى لا دليل عليها، ولو أخرجها لأنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - إخراجها من بيته، ولم يسأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عمر، هل أخرجها من بيته؟ وسؤال عمر لم يتعرض لهذا، فمن أين أخذ ذلك ابن القيم رحمه الله من الحديث؟
وأما قوله في هبة الولد "رده" فهذا على حقيقته، لأنه قد أعطاه إياه فخرج من يده، فاحتاج الأمر إلى رده، وهو استعمال للفظ في حقيقته، فلا دليل فيه على مسألتنا.
ولو أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فليراجعها" صورة اللفظ ولم يرد الحقيقة
---------------
(¬١) الطلاق، الآية الأولى.

الصفحة 447