كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 7)
وجه الاستدلال:
قول الصحابي - رضي الله عنه -: "حسبت" على البناء للمجهول. وفي عهد النبوة لا بد أن يكون الحاسب لذلك هو النبي - صلى الله عليه وسلم -، كقول الصحابي: "أمرت"، أو "نهيت عن كذا"، في عصر الوحي فإن الآمر والناهي هو الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنه مرفوع حكماً، وعلى أقل أحواله أن يكون ذلك موقوفاً على ابن عمر. وهو صاحب القصة، وهو راوي الحديث فإذا قال: إنها حسبت عليَّ تطليقة كان ذلك مقدماً على قول غيره، كما أنه حين اختلف ابن عباس وميمونة، هل تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرم أو وهو حلال قدم قول ميمونة لكونها صاحبة القصة. فكذلك هنا.
بل قال الحافظ في الفتح: "لا ينبغي أن يجيئ فيه الخلاف الذي في قول الصحابي: "أمرنا بكذا" فإن ذلك محله حيث يكون اطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ليس صريحاً، وليس كذلك في قصة ابن عمر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الآمر بالمراجعة، وهو المرشد لابن عمر فيما يفعل إذا أراد طلاقها بعد ذلك، وإذا أخبر ابن عمر أن الذي وقع منه حسبت عليه بتطليقة كان احتمال أن يكون الذي حسبها عليه غير النبي - صلى الله عليه وسلم - بعيد جداً مع احتفاف القرائن في هذه القصة بذلك، وكيف يتخيل أن ابن عمر يفعل في القصة شيئاً برأيه وهو ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تغيظ من صنيعه،
---------------
وللباقين: "قال أبو معمر" وبه جزم الإسماعيلي، ثم قال الحافظ: "وقد أخرجه أبو نعيم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه مثل ما أخرجه البخاري مختصراً، وزاد: حين طلق امرأته، سأل عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. وسيأتي استكمال تخريجه عند الكلام على رواية أبي الزبير عن ابن عمر إن شاء الله تعالى.
الصفحة 449
495