كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 2 (اسم الجزء: 7)

متابعة الشعبي عن ابن عمر مرفوعاً عند الدارقطني بسند حسن، ورواية سعيد ابن جبير عن ابن عمر (حسبت عليه) بتطليقه تبعد احتمال شذوذ رواية ابن أبي ذئب، والله أعلم (¬١).

الدليل الثامن:
(٤٢٢) ما رواه البيهقي: من طريق عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا بشر ابن عمر، نا شعبة، عن أنس بن سيرين، عن ابن عمر، وذكر الحديث.
---------------
(¬١) وعكس العلامة أحمد شاكر فاستدل بالحديث على عدم وقوع الطلاق، فقال في كتابه (نظام الطلاق في الإسلام) (ص: ٣٠): "ومن الغريب أن هذه الروايات ذكرت في معرض الاستدلال على وقوع الطلقة التي كانت في الحيض! وفهموا من قوله: (وهي واحدة) أن الضمير يعود إلى تلك الطلقة!! حتى إن ابن حزم وابن القيم لم يجدا لهما مخلصاً من هذه الحجة إلا أن يزعما أن الكلمة في السياق محتملة أن لا تكون من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي كأنها مدرجة من الرواي، أو يتأولاها بتأول غير جيد، مع أن سياق الكلام صريح في أنها من الحديث المرفوع، وخاصة رواية الدارقطني من طريق يزيد بن هارون. والصحيح الواضح أن قوله: هي واحدة إنما يراد به الطلقة التي ستكون في الطهر الثاني في قبل العدة؛ لأنه أقرب مذكور إلى الضمير، بل إنه لم يذكر غيرها في اللفظ النبوي الكريم، وطلقة الحيض أشير إليها فيه فقط، وفهمت من سياق الكلام، فلا يمكن أن يعود الضمير إليها، ويكون معنى قوله: (هي واحدة) إن طلق كما أمر كانت طلقة واحدة، ولا تكون طلقة ثانية، لعدم الاعتداد بالأولى التي كانت لغير العدة، فتكون هذه الرواية مؤيدة لرواية أبي الزبير، ودليل على بطلان الطلاق في الحيض" اهـ.
وهذا الذي ذكره أحمد شاكر لا يؤيد عليه؛ لأن الطلقة الثانية لم تقع، وقد أشار الرسول إلى أنها غير لازمة بقوله: إن شاء أمسك وإن شاء طلق، فكون الرسول يعتبرها واحدة لطلقة لم يعلم وقوعها بعد، ويترك طلقة قد وقعت في الحيض بعيد جداً، بل إن اللفظ عند أبي داود الطيالسي لم يتعرض للطلقة الثانية، ولفظه: عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فجعلها واحدة. اهـ فلم يشر في الحديث إلى الطلقة الثانية.

الصفحة 463