كتاب المهمات في شرح الروضة والرافعي (اسم الجزء: 7)

قوله: أما في النكاح فقد أوجب الله تعالى على رسوله تخيير نسائه بين اختياره وبين مفارقته واختيار زينة الدنيا، والمعنى فيه أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آثر لنفسه الفقر والصبر عليه فأمر بتخييرهن كيلا يكون مكرهًا لهن على الصبر والفقر. انتهى كلامه.
ذكر مثله بعد هذا في الكلام على [الكفاءة] (¬1)، وما ذكره من أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اختار الفقر لنفسه، كيف يصح مع ما ثبت في الصحيحين من رواية عائشة أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يتعوذ من الفقر (¬2)، وقد ذكر هو هذا الحديث قبل هذا الموضع بأوراق في الكلام على قسم الصدقات، فقال: إنه -عليه السلام- كان يستعيذ من الفقر، وقال: "اللهم أحينى مسكينًا" (¬3)، وما ذكره من الدعاء بالمسكنة قد رواه الترمذي وابن ماجة بإسناد ضعيف ولفظهما: "اللهم أحينى مسكينًا وأمتنى مسكينًا"، قال البيهقي: وقد روي أيضًا في حديث أنس أنه استعاذ من الفقر والمسكنة معًا.

قوله: وهل حرم على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلاقهن بعدما اخترنه؟ فيه وجهان: أظهرهما عند الإمام: أنه لا يحرم. انتهى.
وهذا الذي رجحه الإمام هو الصحيح، فقد قال الرافعي في "الشرح الصغير": إنه أظهر الوجهين والنووي في أصل "الروضة": إنه الأصح.
¬__________
(¬1) في جـ: الكفارة.
(¬2) أخرجه البخاري (6007) ومسلم (589).
(¬3) أخرجه الترمذي (2352) والبيهقي في "الكبرى" (12931) وفي "الشعب" (10507) من حديث أنس - رضي الله عنه -.
قال الترمذي: هذا حديث غريب.
وقال الألباني: صحيح.
وأخرجه ابن ماجه (4126) وعبد بن حميد (1002) والبخاري في "الكنى" (ص/ 75) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - وسنده ضعيف.
وأخرجه البيهقي في "الكبرى" (12930) والطبراني في "الدعاء" (1427) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (38/ 194) من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -.

الصفحة 6