كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

فعل ذلك، حجب؛ لأن ذلك الفوران كالدخان، فإذا هاج من النفس، وتأدى إلى الصدر، امتنع الإشراق، واحتجب، وبقي العبد محجوباً كأنه صار خالياً من الزكاء.
فأمرت مريم بالقنوت؛ أي: بالدوام، وبالركود بمقابلة القلب قبالة عظمة الله؛ حتى يدوم لها التعظيم لجلال الله، ولذلك سمي دعاء الوتر: قنوتاً؛ لأن الصلاة وقوفٌ وتخشعٌ، وتذللٌ يؤدي فرضه؛ لوفارة أعماله، وتقصيره وذنوبه، فإذا قنت، فإنما خرج من صلاته التي افترض عليه، وقام له معترضاً على ربه إلى موقف آخر؛ برغبة ورهبة، فسمي قنوتاً؛ لأن ذلك مقام خرج من فعل صلاته إليه، ودخل فيه بتكبيره، فقابل بقلبه محل الرغبة والرهبة، ومن قبل التكبير كان في محل التذلل والتخشع بين يدي عظمته، والآن في محل الرهبة والرغبة بين يدي جوده وكرمه، فتباين التقابلان والموقفان. والله سبحانه أعلم.

الصفحة 10