كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

فهنا تبصر، وينفسح علمها بالسعة، لما رأت عثرتها، اتستعت لغيرها في تلك العثرة، وأبصرت أن العاثر هو كمثله، إما مفتونٌ، وإما مخذول، وإما معاقب، أو جاهل؛ لما رأى نفسه في وقت العثرة أنه مخذولٌ، أو مفتون، أو معاقب، أو جاهل.
فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا حليم إلا ذو عثرةٍ))؛ أي: بعد العثرة وصل إلى حقيقة الحلم وكنهه، فأما قبل العثرة، فقد يكون حليماً، ولكن ليس على كنهه؛ كأنه لم يكمل حلمه بعد؛ لأن نفسه لم تتسع بعد في الحلم الذي أعطي، فإذا جاءت العثرات، اعتبر بها، ورأى غيره فيما رأى نفسه في وقتها، فهناك يجد الحلم.
وهذا كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: ((ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس، وليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان، وإنما المسكين الذي قعد في بيته وقنع)).
فذاك الذي يكثر عرضه، فهو أيضاً الغني، ولكن الغنى -على كنهه

الصفحة 12