كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

{وكانوا أحق بها وأهلها}؛ فإنه ألزم قلوبهم هذه الكلمة بنور المحبة، حتى نطقوا بها، وذلك أنهم أعطوا المعرفة مع المحبة، وأعطوا العقل، والعقل من نور البهاء، ووجد القلب حلاوة المحبة، ووجدت النفس حلاوة زينة نور البهاء، فسكن القلب واطمأن إلى الحلاوة، واستقرت النفس للزينة، فتيسر عليه التكلم بقول: لا إله إلا الله، وهو قوله تعالى: {حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم}.
فبحلاوة الحب، وزينة البهاء، صارت الكلمة لازمة لقلوبهم، حتى خرجت إلى اللسان، فذلت الألسنة بها، ودارت بحروفها التي نطقت بمعناها، فصارت منطقاً أحاط بمعناها، ولزمها، وشددها، كما أحاطت المنطقة بوسط الرجل، وشددت قوته، فهو الذي ألزمهم هذه الكلمة بما من عليهم بحلاوة الحب، وزينة البهاء.
وأما قوله: {وكانوا أحق بها وأهلها}، فإنما صاروا كذلك؛ لأن الله تعالى خلق المقادير قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام، فيما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وكان الله ولا شيء، فخلق المقادير، وخلق الخلق في ظلمةٍ، ثم رش عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور، اهتدى، ومن أخطأه، ضل)).
فقد علم من يخطئه ممن يصيبه.

الصفحة 20