كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

حيث شاء، إن شاء جعلنا في ظلمة، وإن شاء جعلنا في نور، ثم مدوا أيدي القلوب نحوه كالتعلق به، فضرب بيده على قلوبهم، فقال: أنتم لي، عملتم لي أو لم تعملوا، فصارت هذه الكلمة مكتوبة على قلوبهم، فمن أصابته يمينه، فهم الأولياء، ومن أصابتهم يده الأخرى، فهم عامة الموحدين، ثم تناولهم، فصيرهم في قبضته، وصارت تلك الكلمة مكتوبة بين أعين الفؤاد على قلوبهم، وذلك قوله تعالى: {أولئك كتب في قلوبهم الإيمان}، وقال في الأخرى: {أولئك الذين طبع الله على قلوبهم}.
فالطبع: هو الختم، اتبعوا بال أنفسهم، فقالوا: تركنا هاهنا في الظلمة، فلو كان دائماً، لم يتركنا، فهذه كانت صفتهم في البدو، فلم يزل ينقلهم من حالٍ إلى حال حتى ظهروا في الروح، وهو أول خلقٍ خلقه، ثم نقلهم إلى الهوى، ثم نقلهم إلى النور، ثم نقلهم إلى الماء، ثم نقلهم إلى التراب، ثم نقلهم إلى الطينة المعجونة طينة آدم عليه السلام، وأعطاهم كلهم الصورة، وظهر في الطينة طيب المتعلقين به، وسنة حمأة المعرضين عنه، وهو الذي قال تعالى في تنزيله: {من حمإٍ مسنونٍ}.

الصفحة 27