كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)
فحينئذٍ ألحقهم بالمؤمنين؛ ليعلم أنهم لم يكونوا من المؤمنين الذين كتب في قلوبهم الإيمان يومئذٍ بقوله: ((أنتم لي، عملتم أو لم تعملوا))، فهؤلاء يعتريهم ذلك النفاق -بعد إيمانهم- في أعمالهم، فهم الذين يدلون على الله بأعمالهم في الشريعة، ويعجبون بشأن أنفسهم، ويكبون على أحوالهم في عامة عمرهم، يتكبرون بها، ويتعالون على الخلق، ويعاملون الله في السر بخلاف العلانية، ويراؤون بأعمالهم، ويتناحرون على طلب الدنيا وجاهها وعزها، وفخرها وخيلائها، ويضاهون الله في مدائحه، والعزة لله جميعاً، والعلو لله، والكبرياء لله.
فهم في شهرهم ودهرهم طالبون لعز الدنيا؛ ذهاباً بأنفسهم عن الخلق، ولعلوها؛ تعالياً عن أحوال الخلق، وتكبراً عن الانقياد للحق؛ لكبرياء نفوسهم، ساخطين لأقدار الله في الخلق، وفي أنفسهم، حاسدين لعباد الله في نعمهم، مضادين لأقضيته وتقديره وتدبيره فيهم، فهؤلاء أصحاب الأقفال الذين كانت لله فيهم مشيئة أن تدركهم رحمته وجوده؛ فإن للجود -بعد انقضاء الرحمة المئة المقسومة يوم القيامة بين أهل الجنة- عملاً وشأناً عظيماً؛ جاد الله على من بقي في النار آلافاً من السنين، وليس عنده مثقال ذرة خير، إلا توحيداً خرج له أيام دنياه من باب الجود والرحمة العظمى، وهم أصحاب الأقفال الذين كانت لله فيهم مشيئة إن أدركتهم الرحمة العظمى، فلم يبال بما صنعوا، فرفع عنه القفل في الدنيا، حتى