كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)
قالوا: ربنا الله، فلم يستقيموا، فقالوا في عزيرٍ ما قالوا، وإن النصارى قالوا: ربنا الله، ثم لم يستقيموا، فقالوا في المسيح ما قالوا، وإن أمتي قالت: ربنا الله، ثم استقاموا، فلم يشركوا)).
قال أبو عبد الله:
فهاتان كلمتان إنما هما اسمان لازمان لفعل، ولكل فعل حدان، فحدٌّ منه مبتدؤه، والحد الآخر منتهاه.
فالاستقامة: مبتدؤها: انتصاب القلب له رقًّا وتذللاً، وإلقاءً باليدين سلماً، فهذا أول العبودة والاستقامة، ثم من بعد انقضاء هذا الوقت يأتي عليه وقتٌ آخر، وقد مالت شهوته بتلك الاستقامة عن الله، فزاغ يميناً وشمالاً عن الانتصاب لله تذللاً وخشعةً، وناله تجبر الكبرياء، ثم تاب، فرجع إلى الله، وعاد إلى مقامه من التذلل والرق، وصار إلى الاستقامة في مقامه، فلا يزال هذا دأبه، مرةً هكذا، ومرة هكذا، يقطع عمره على هذه الصفة، فيختم له بإحدى المنزلتين.