كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

الدنيا والآخرة من كل آفة، فلما أذنب، خرج من أمان الله بقدر ذلك الذنب، ونقص من الأمن بقدر ذلك، واستحق العقوبة بقدر ذلك، وهو أن تزول نعمة من نعمه عنه بقدر ذلك، وإن شاء، تفضل وعفا، وإن عاقب، زال عنه من النعمة بقدر ذلك.
وذلك قوله تعالى: {ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمةً أنعمها على قومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
فالنعمة: اسم جامع لهذا الآدمي في بدنه ودينه ودنياه، فإن لم يذنب، لم يأخذ منه شيئاً، وكان على هيئته؛ فإنما جاءت الأسقام، والأمراض، والنوائب، والأحوال المتغايرة؛ لمكان الخطايا والذنوب والزلل، غيروا، فغير الله ما بهم، وعفا عن كثير، وقال في تنزيله: {وما أصابكم من مصيبةٍ فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثيرٍ}.
فالاعتبار في هذا الأمر: قصة أبينا آدم عليه السلام، وأن الله تعالى خلقه بيده، وأسجد له الملائكة، وبوأه الجنة مع زوجته، وعهد إليه عهداً أن هذا الذي أبى أن يسجد لك هو: {عدوٌّ لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى}، وعرض {الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها}، فنظر آدم إلى إباء هؤلاء، فأخذته الغيرة، وهاج منه الحب لله، فاحتملها، وتقلدها، وبقيت قلادةً في عنقه، فقيل له:

الصفحة 47