كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

قال أبو عبد الله رحمه الله:
فوضع الله الحرص في الآدمي، ثم زمه في المؤمنين بزمام التوحيد واليقين، وقطع علائق الحرص بنور السبحات، فمن كان حظه من نور اليقين، ونور السبحات أوفر، كان وثاق حرصه أوثق، وحنه أحصن، والحرص يحتاج إليه الآدمي، ولكن بقدرٍ معلوم، فإذا لم يكن لحرصه وثاق، وجاءت رياحه بأهبوبها، استقرت النفس، فتعدى القدر الذي يحتاج إليه، فأفسد.
قال له قائل: ما الحرص؟ وما حاجة الآدمي إليه؟.
قال: إن الحرص مدد القوة الموضوعة في الآدمي، ومثيرها، وعمادها، وهي نارٌ تتقد، ولها خشعة وغليان، وأصلها من نور الحياة، فبقدر ما تتلظى نار الحرص يطير لهبانها في الجوارح، فإذا استعمل تلك الجارحة، استعملها باستفزاز وخفة، وإذا سكن الحرص، فترت القوة، فبالحرص يقوى على بعث الأركان في أعمال البر، وبالحرص يصابر على طاعة الله تعالى، وبالحرص يسمو إلى معالي الدرجات، ومن شأن الحرص الترقي في الدرجات، وطلب الازدياد من كل شيء يناله في الدنيا والآخرة.

الصفحة 52