كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

فحريق الحرص وتلظيه يحرق شهوة كل شيء يناله، لا حرق تلاشي، ولكن يأتي بحريق أشد منه؛ كالنار التي تأكل بعضها بعضاً، فتزداد قوة، فكلما ازداد تناولاً من نهمة شيءٍ من أمر الدين والدنيا، ازداد حريقه تلظياً، وازدادت النار قوةً.
ولذلك قيل في الحديث: ((ما أعطي العبد شيئاً من الدنيا إلا زيد مثله في الحرص)).
والحرص والصرح: مشتقٌّ بعضه من بعض.
فالصرح: البناء العالي المشرف والناتئ على البنيان، وهو قوله: {يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب}.
فهذا في الظاهر صرح، وذاك في الباطن على تقليب الحروف سمي حرصاً؛ لأنه به يطلب الازدياد، ويترقى في درجات المزيد عتواً وعلواً، كلما نال درجةً من درجات الدين والدنيا؛ سما به حرصه إلى درجة أعلى منها، فلا يزال يترقى حتى يبلغ درجة تكون له منظراً، فإذا نظر إلى من هو دونه من درجات الدين، اعتراه العجب، فأعجب بنفسه، فصال بتلك الدرجة

الصفحة 53