كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

على الخلق، واستطال، فرمي به من ذلك العلو، فلا يبقى منه عضو إلا تكسر وتبدد، وكذلك في درجات الدنيا، إذا رمى ببصره إلى من دونه في الدرجات، تكبر عليهم، فتاه عن الله بكبره، وتجبر على عباده، فخشي تزيده، ففي درجات الدين يقال له: أعجب، وفي درجات الدنيا: يزبر ويزجر.
فأعطي الآدمي هذا الحرص؛ ليتقوى به على الازدياد من أعمال البر، كلما نال درجةً، سما إلى ما هو أعلى منها؛ سيراً إلى الله تعالى، وشوقاً إليه، فحرصه مزموم بالخوف والخشية، مشحون بأثقال السكينة والوقار، مقبوض، فصاحب هذا طالب للعلو في الدين، قد عصمه الله من التعدي والإعجاب، وترك الأدب في الدين.
ألا ترى إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكرة حيث دخل المسجد والناس ركوع، فركع، ومشى في ركوعه حتى وصل إلى الصف، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زادك الله حرصاً، ولا تعد))، وقد كان تقدم إليهم، فقال: ((إذا أتيتم الصلاة، فأتوها بالسكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا،

الصفحة 54