كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

صاحب الدين.
وأما صاحب الدنيا: فحرصه حمله على أن يكون طالباً للازدياد من الدنيا، طالباً لعلو الدرجات.
قال الله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوًّا في الأرض ولا فساداً}.
فزجر عن طلب العلو في درجات الدنيا، وحرم طالبه الدار الآخرة، وهي الجنة؛ لأن الدنيا مقدرة في اللوح، مقسومة بين العباد، لن ينال عبد منها إلا ما قدر له وكتب، وهي درجاتٌ بعضها فوق بعض؛ ليبلونا فيما آتانا.
وكذلك قال سبحانه في تنزيله: {وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم في ما آتاكم}؛ أي: من يشكر نعمتي، ومن يكفرها.
ثم قال: {إن ربك سريع العقاب}؛ كي يخاف العباد عقوبته، ثم قال: {وإنه لغفورٌ رحيمٌ}؛ كيلا يقنط العباد من رحمته بما تقدم من وعيده أنه سريع العقاب.
وقال تعالى: {وما من دابةٍ في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها}، ثم قال: {كلٌّ في كتابٍ مبينٍ}.
فإنما ضمن بيان مقداره وكيفيته ومواقتته في الكتاب؛ كي تسكن نفوسهم إلى ما قدر وكتب، ويتفرغ القلب لما خلق له من العبودة؛ فإنه

الصفحة 56