كتاب نوادر الأصول - النسخة المسندة ط النوادر (اسم الجزء: 7)

ألا ترى إلى قوله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}، وقال تعالى: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين}.
فكان يؤيسه من هداهم إلا بإذنه، ويقتضيه أن يدعوهم إليه، ومع ذلك مراقبة الإذن والهداية، وقد أخبره في تنزيله، فقال: {وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلا بإذن الله}.
وقال تعالى: {ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين}. فكان حرصه يغلبه على الطلب منهم الاهتداء والقبول حتى قال تعالى: {لعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً}.
وقال تعالى: {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآيةٍ ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين} الآية.
فالحرص على قبولهم ما جاء به عن الله تعالى، حمله على ذلك، وهيجه، حتى خرج إلى الحال التي ردعه عنها، فقال: {فلا تكونن من الجاهلين}؛ أي: لا تشاء أنت إلا ما أشاء، فعليك البلاغ، وعلينا الهدى، و {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}.
فردد هذه الكلمة، وما أشبه هذا في القرآن في نحوٍ من خمسين

الصفحة 59